الصين وتحديات ما بعد «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتحدث البعض عن الفرص الهائلة التي أتيحت للصين جراء نجاحها في مكافحة وباء «كورونا»، خاصة الحديث عن صعود الاقتصاد الصيني من المرتبة الثانية التي كان عليها قبل «كورونا» بـ13.4 تريليون دولار إلى الاقتصاد الأول عالمياً بـ25 تريليون دولار بحلول العام 2023 وليس 2049 كما كان مخططاً له. ويتفق البعض على أن الصراع بات بين الصين والولايات المتحدة، وليس بين واشنطن وموسكو، وأن روسيا قد تتحول إلى «رديف للصين» بحلول العام 2050، كما هو الحال بالنسبة لكندا مع الولايات المتحدة.

صورة غير مكتملة

المؤكد أن الصين حققت معجزة اقتصادية نادرة منذ انتهاج سياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978، ولا يخلو اليوم بيت في العالم من المنتجات الصينية، وبفضل هذا النمو استطاعت الصين أن تنتشل 750 مليون صيني من تحت خط الفقر إلى الطبقة المتوسطة، لكن كل ذلك لا يمكن أن ينفي التحديات الخطيرة التي تنتظر الصين، وأول هذه التحديات هو ضرورة قيام الصين بحملة قد تكلفها أكثر مما جنت من بيع المواد الصحية لتحسين صورتها في العالم، فالرواية الأمريكية حول تورط الصين في تصدير الفيروس أو عدم الشفافية بدأت تلقى رواجاً في دول كثيرة، وهذا الأمر يمكن أن يترتب عليه نتائج وخيمة، ويتحتم على الصين القبول بتحقيق دولي حول منشأ الفيروس إذا أرادت أن تنجو من مثل تلك الاتهامات.

الصين واحدة

أكبر التحديات التي ستواجه الصين، هي الحفاظ على وحدة ترابها الوطني التي تطلق عليها سياسة «الصين واحدة»، فالنزعة الانفصالية واضحة لدى هونغ كونغ وتايوان، واستخدام القوة معهما سيشكل استنزافاً للصين وتلطيخاً لصورتها وسيهوي بنموها الاقتصادي، ولو تركتهما للانفصال سيعجل بانفصال أقاليم أخرى في مقدمتها إقليم شينغيانغ، والذي يمثل بوابة الصين على الغرب، وينطلق منه طريق «الحزام والطريق»، وكل هذه المشاكل لا تقل عن التحديات في بحر الصين الجنوبي الذي تمر من خلاله 65 في المئة من التجارة العالمية، ووصفت الولايات المتحدة سلوك الصين خلال الأيام الأخيرة في بحر الصين الجنوبي «بالبلطجة»، وتمنع الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة الصين من التوسع في بناء الجزر الصناعية التي تساعد في اكتشاف النفط والغاز، وهناك خلافات صينية مع ست دول من دول المنطقة هي فيتنام وماليزيا وسنغافورة وبروناي والفلبين وإندونيسيا، ونجحت فيتنام في الحصول على قرار ضد الصين في بحر الصين الجنوبي من محكمة لاهاي، ناهيك عن الخلافات الصينية مع اليابان وكوريا الجنوبية، والخلافات الحدودية مع الهند التي أدت للحروب الهندية الصينية في 20 أكتوبر 1962، ولا تزال المشكلة قائمة حتى اليوم.

Email