في الوقت الذي قامت وتقوم فيه كثير من دول العالم بإغلاق حدودها في وجه القادمين لها من الدول الموبوءة بانتشار فيروس «كورونا المستجد» «كوفيد – 19»، كانت الإمارات على موعد مع مبادرة جديدة تعزز دورها الإنساني العابر للحدود، عندما قامت بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وأمر ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإجلاء رعايا عدد من الدول الصديقة والشقيقة، العالقين في مقاطعة هوبي الصينية، بؤرة تفشي الفيروس، ونقلهم إلى «المدينة الإنسانية» في أبوظبي، التي تم إعدادها وتجهيزها على أعلى مستوى لتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم.

السعادة التي كانت ترتسم على وجوه هؤلاء الأشخاص، وهم يهبطون من الطائرة إلى أرض الإمارات، بعد فترة عصيبة من التوتر والخوف من الإصابة بالفيروس سيطرت عليهم خلال فترة إقامتهم في مقاطعة هوبي، وإحساس الطمأنينة الذي بدا واضحاً عليهم بعد وصولهم للمطار، والذي كان يجسد ثقتهم في تلقيهم الرعاية الصحية والمعاملة الحضارية الراقية في وطن الإنسانية، هو ما تنشده الإمارات لجميع شعوب الأرض، فهي تتحرك بدوافع إنسانية بحتة لإغاثة أي ملهوف، وتقديم الدعم لأي إنسان في أي موقع بالعالم، بصرف النظر عن دينه أو هويته أو ثقافته أو جنسيته أو نوعه أو لونه.. وهذا الإحساس بالسعادة والطمأنينة، تضاعف عندما تفاجأ كل شخص ممن تم إجلاؤهم لحظة وصوله إلى أرض الإمارات بتلقيه رسالة ترحيب مؤثرة ومجسدة لقيم الإمارات الإنسانية من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، عبّر له فيها عن تعاطفه معه وترحيبه شخصياً به في أرض الإمارات.

لم تتردد الإمارات منذ بداية انتشار فيروس «كورونا المستجد» واتضاح ملامح خطورته في تقديم كل ما يمكنها تقديمه من جهود لمحاصرة انتشار الفيروس، ومساعدة الحكومات على مواجهة خطره، حيث سارعت إلى التعبير عن تعاطفها مع جمهورية الصين الصديقة، ودعمت بقوة وبصور عدة جهودها في مواجهة انتشار هذا الفيروس، وهذا الأمر لاقى ترحيباً وصدى كبيرين لدى الصينيين، على المستويين الشعبي والرسمي، واعتبره كثير منهم، تجسيداً حقيقياً لقوة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، كما أعلنت الإمارات تضامنها مع الدول الأخرى التي عانت من انتقال الفيروس إليها مثل إيطاليا وكوريا الجنوبية وإيران وغيرها، وعرضت تقديم الدعم لها في جهودها لمكافحة انتشار الفيروس، بشكل رسخ صورة الإمارات كصديق وفي وداعم حقيقي وحليف موثوق لكل دول وشعوب العالم في السراء والضراء.

هذه المبادرة الحضارية التي أقدمت عليها الإمارات بإجلاء رعايا بعض الدول الصديقة والشقيقة العالقين في المدينة الصينية، لم تكن فريدة من نوعها بطبيعة الحال، فسجل الإمارات في دعم الجهود العالمية لمكافحة الأمراض والأوبئة، حافل بكل المقاييس، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التي أطلقها عام 2011، بالتعاون مع مؤسسة بيل وميليندا جيتس لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم، والتي قاربت على إكمال عقدها الأول، ولا تزال فاعلة في مكافحة هذا المرض، والمبادرات العديدة التي أطلقتها «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، في مجال الصحة والتي استفاد منها ملايين الأشخاص عبر العالم، والدعم الكبير الذي قدمته الدولة لبعض الدول لتعزيز قطاعها الصحي مثل اليمن وباكستان، وغير ذلك الكثير من الجهود والمبادرات التي يصعب حصرها هنا، وتؤكد محورية الدور الإماراتي في دعم الجهود العالمية لتعزيز الصحة العامة ومكافحة الأوبئة والأمراض.

إن الدور الإنساني الرائد الذي تقوم به الإمارات عالمياً كان، ولا يزال، من أهم العوامل التي عززت صورة الإمارات الإيجابية في العالم، بوصفها وطن الإنسانية والتسامح، وهو أحد أهم عناصر قوة الإمارات الناعمة، إقليمياً وعالمياً، وهو نهج متأصل في أبناء الإمارات وثقافتهم، وهو بذرة من البذور الطيبة التي زرعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،طيب الله ثراه، وعم خيرها العالم كله.

* كاتبة إماراتية