رأي

صفقة بلا أفق

ت + ت - الحجم الطبيعي

من النادر جداً في الدبلوماسية الدولية، أن يرتدي طرف ما عباءة الوساطة بين طرفين متحاربين، ويقدم على طرح مبادرة «تسوية»، بعدما يشبعها تنسيقاً ونقاشاً مع أحد طرفي الصراع، ويتجاهل تماماً الطرف الثاني.

هذا ما فعله ويفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في طرحه خطته التي باتت تعرف بـ «صفقة القرن»، والتي يرفضها الفلسطينيون قبل إعلانها، ذلك أنهم عرفوا مضمونها مسبقاً من خلال التنفيذ الفعلي على الأرض.

الرئيس الأمريكي خلال السنوات الثلاث الماضية التي يجري فيها تداول الصفقة غير المعلنة، أهدى القدس موحّدة لـ«إسرائيل»، ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، وأقفل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، أحد طرفي اتفاقية أوسلو الموقّعة برعاية واشنطن، وأوقف المساعدة الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وقبل فترة وجيزة أصدر موقفاً يشرعن بموجبه المستوطنات التي تعتبر، ليس في القانون الدولي فحسب إنما في سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة، غير شرعية أو عقبة في طريق السلام.

لا يحتاج أي مراقب سياسي إلى عقل عبقري كي يعرف أن هذه الصفقة ليست سوى مولود ميّت من الناحية الدبلوماسية والسياسية. أما ما يجري تنفيذه على الأرض فهو محكوم لقوة الأمر الواقع، وبدفع من الدعم الأمريكي لـ«إسرائيل»، بصفقة أو بدون.

ترامب وفريقه وقادة «إسرائيل» يدركون أن صفقة يرفضها الفلسطينيون جميعاً، لا يمكنها أن تمر، ولا تملك أدنى مقوّمات التحول إلى مبادرة سلام بالحدود الدنيا حتى لمنطق التسوية المجحفة التي عرفناها في اتفاقية أوسلو وملحقاتها.

هذا يعني أن توقيت إعلان الصفقة الآن له علاقة فقط بمساعدة ترامب لنتانياهو كي يفوز في انتخابات مارس المقبلة، وربما مساعدة نفسه في تجاوز محاولات عزله في الكونغرس، لكن لا هذه ولا تلك تعني الفلسطينيين والعرب بشيء، فهم لا يفرّقون بين الحكومات والأحزاب الإسرائيلية، ويعتبرون ما يجري في الكونغرس شأناً أمريكياً.

 

 

 

Email