أي ربيع هذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد بشرتنا الولايات المتحدة الأمريكية تحت الإدارات السابقة بـ«ربيع عربي» من تصميمها وأظن انه لا أحد يشارك واشنطن مقولتها تلك والوطن العربي يمر بأسوأ حالاته وتشتعل معظم أجزائه بنيران هذا الربيع الملعون.

ويكفي النظر إلى خارطة العراق وليبيا وسوريا واليمن قبل أوائل تسعينات القرن الماضي ليرى كل عاقل أنه، وبرغم صعوبات أو تجاوزات واضحة، إلا أنها تتضاءل إلى حد التلاشي بعد التدخل العسكري الأمريكي في هذه البلدان.

لقد زرت بلاد الرافدين إبان الحرب العراقية الإيرانية والتي دافع فيها أبناء العراق بكافة معتقداتهم الدينية واختلاف مذاهبهم، عن ارض الوطن، فما كان من الحاكم العسكري الأمريكي للعراق بول بريمر إلا الإسراع بحل الجيش العراقي، وهي سابقة مدمرة في التاريخ المعاصر، ويكفي النظر إلى ما آل إليه هذا البلد العريق من تدهور وفوضى عارمة توجت بتدخل إقليمي، عزز شرذمة أبنائه وفقاً للمخطط الجهنمي، «إن أكبر ضمان لبقاء إسرائيل في المنطقة العربية، هو تفتيت المنطقة إلى دُويلات عرقية وطائفية» ولا يحق لأحد مساءلة واشنطن عن جنة الديموقراطية التي وعدت بإرسائها في العراق، وهي نفس الحجة التي عصفت بالرئيس الليبي معمر القذافي بتدخل حلف شمال الأطلسي، الناتو.

وقد تسربت أنباء عديدة عن المخطط بحذافيره تقريباً وكان يؤكد أن مصر هي «الجائزة الكبرى» وهو ما أفشلته كما هو واضح الآن، ثورة الثلاثين من يونيو.

غير أن أحداث الأيام الأخيرة تؤكد أن مصر لا تزال الهدف الذي يزداد صعوبة يوماً بعد يوم حيث يقودها الآن زعيم يضع سلامتها ووحدتها شعباً وأرضاً في مرتبة اعلى من حياته، وهو ما تيقن منه المصريون بأغلبيتهم الساحقة وساروا خلفه في معركة إعادة بناء الوطن وإعلاء شأنه بآلاف المشروعات، الشاملة، وشعارها الأسمى، الحياة الكريمة.

إن الكرامة الوطنية أصبحت الشعار الواجب التطبيق في كل مناحي الحياة وهو ما تجسده الانجازات التي تمت على أرض الواقع وتلك المخطط لها أن تتم في المستقبل، وقد اتضحت صورة هذا التوجه بما لا يقبل الشك والتشكيك، وهو ما يطرح أسئلة مشروعة عن تحركات الرئيس التركي رجب أردوغان، وهو عضو في الحلف الأطلسي، باتفاقه الباطل مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة فايز السراج والذي انتهت شرعية حكومته وظهر تواطؤه مع رجل يجاهر بنيته باحتلال بلاده.

ويكاد يجمع المراقبون على أن تحركات أردوغان المشبوهة تقصد الإضرار بمصر وأظن وليس كل الظن إثم، أن أردوغان يتحرك باتفاق مع واشنطن التي وصفت، بحنان بالغ، قراره باحتلال ليبيا وسرقة ثروات دول المنطقة من غاز البحر الأبيض المتوسط، بأنها«استفزازية» !!! واستطراداً في انه ليس كل الظن إثم، فإنني ممن يرون أن الأحداث في العراق واستئثار كافة القنوات التلفزيونية تقريباً بها قد غطى إلى حد بعيد على التطورات في ليبيا وتواصل نقل ميليشيات المرتزقة، الذين حاربوا في سوريا وعاثوا فساداً وتدميراً تحت راية اردوغان، إلى ليبيا..إن مخطط النيل من مصر ووقف نهضتها وإرساء سبل مستقبل كريم لأبنائها، لم يتوقف، وهذا دور بالغ الأهمية على الإعلام أن يضطلع به، فقد حضرت مؤخراً لقاء مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وشعرت أنني اكتشف هذا المسؤول الكبير المؤمن بقيادة الرئيس وتوجهاته، ورسخ اللقاء تفاؤلي بالمستقبل ودحر كافة الألاعيب والمخططات المعادية، وأتمنى أن يتكرر ظهور رئيس الحكومة على التلفزيون لنشر الوعي بأقصى قدر ممكن.

فنحن في حاجة إلى التصدي للشائعات والأكاذيب، باختصار، نحن في حرب متعددة الوجوه والوسائل وسننتصر بإذن الله وبوعي قيادتنا ووحدتنا الوطنية وننعم بربيع أصيل.

Email