رأي

لبنان وسيف الأزمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خضم الصراعات التي تعصف بالمنطقة، يشكل لبنان الساحة الأمثل لتصفية الحسابات، بدأ الحراك الذي انطلق من الاحتجاج الغاضب على ضريبة الواتساب، يكشف الحسابات البعيدة التي لا تنظر نحو لبنان بعيون تقيم حساباً لأوجاع الناس بل لكيفية توظيف هذه الأوجاع في خدمة مشاريعها.

فالشلل والتعطيل اللذان أصابا لبنان يعمل حزب الله بكل الطرق لضمان استمراره وكسر كل محاولات معالجته، ذلك أن الانتماء إلى الطائفة بات أولوية، ويأتي الوطن في مرتبة ثانية.

لا يمكن عزل لبنان عمّا يجري في العراق من تعطيل تلعب فيه إيران الدور الأفعل، هذا الحزب يضع لبنان في خطر بسبب قراراته الآحادية غير الخاضعة للمحاسبة، أصبحت قرارات نصر الله بالتصعيد مكشوفة، إذ إنها ارتهنت بالكامل للإرادة الإيرانية، ولبنان وحده سيدفع الثمن. فقد أكد رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري في أكثر من مناسبة أن أسباب أزمات بلاده حزب الله الذي يسعى لخراب لبنان.

فكل يوم يمر يتعرض فيه لبنان إلى أزمات سياسية واقتصادية كبرى، وحزب الله أحد أهم أطراف هذه الأزمات، فقد بدأت بالرئاسة ثم البرلمان ثم الحكومة، فقد استطاعت هذه الميليشيات أن تتغلغل داخل مؤسسات الدولة وتُهيمن عليها، على قاعدة المحاصصة الطائفية، فكرّست الطائفية أكثر في الثقافة السياسية اللبنانية.

الأمر الذي يشكل معضلة سياسية يصعب حلها في المدى المنظور، فمصلحة القوى التي ارتضت لنفسها هذا الدور، أن يتصدع البنيان الوطني خدمة لأجندات أهداف غير وطنية وان يبقى رهينة التدخلات الخارجية.

سيف الأزمات يوغل عميقاً في لحم الوطن ويزيد كمية النزف، فلبنان يحتاج إلى إصلاحات تقيه من خطر التفكك، فالابتعاد عن الطائفية تعيد البلد من جديد إلى سكة التوازن والتلاحم، وتضع حدّاً لحالة الخلل الوطني والاختلال السياسي.

فالذهاب إلى الدولة المدنية كفيل بتحصين البلد من التدخلات الإيرانية، ومايزال هناك إمكانيات للخروج من المحاصصة والطائفية والفرصة اليوم مُتاحة بشكل كبير في ظل تذمر الشارع من تدخلات ايران في البلاد وحرص الشعب على تكريس الوحدة منهجا وفعلا.

لبنان وشعبه يواجهان خيارين إما المضي قدماً لتحقيق الدولة المدنية، أو السماح لطموحات إيران وحزب الله بأن تسيطر وتهيمن عليهما.

 

Email