هل تحتاج المسرعات إلى مسرعات؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

المسرعات مصطلح جديد طفا على السطح خلال السنوات الأخيرة السابقة، والمسرعات باختصار شديد هي تسريع العمل الذي نقوم به إلى أقصى درجة ممكنة، فالعمل أو المشروع الذي يتم إنجازه في ثلاث سنوات، مع المسرعات يتم إنجازه في أشهر، وقس على هذا المثال في جميع القطاعات والمؤسسات.

وبشكل عام هذه المسرعات تم إطلاقها لعدة أهداف، أولها أن نحل بعض المشكلات العالقة، كالمشكلات التي تواجه الحكومات، والتي يأخذ حلها سنوات طويلة كمشكلات البطالة، الإسكان، التعليم وغيرها، أو من أجل تطوير خدمة أو منتج أو مشروع حالي، كتبني أنظمة جديدة في المجال الاقتصادي أو المالي وتهيأت الظروف لذلك، أو لابتكار شيء جديد لم يصل إليه أحد وهذا نراه في مجال الابتكار الذي تدعمه الحكومات والشركات العملاقة، فنرى ذلك جلياً في الخدمات الإلكترونية المتنوعة بين أيدينا، والتي تتطور بشكل سريع جداً.

والمسرعات نراها متواجدة في دولة الإمارات بقوة، فهناك المسرعات الحكومية وما ارتبط بها من إنجازات، كتحدي الـ 100 يوم، وبرنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21»، والتي ستكون ميزانيتها 50 ملياراً لتطوير العديد من الأنظمة خلال 3 سنوات، ومسرعات دبي المستقبل والتي أطلقتها مؤسسة دبي للمستقبل والتي تضع العديد من المشاريع ومنها مبتكرون دون الـ 35 سنة.

جهد جبار وطموح كبير، والقيادة في دولة الإمارات تشكر على هذا الجهد وعلى اهتمامها بتسريع الأعمال والانتهاء من المشكلات العالقة وتطوير البنية التحتية في مجالات الاقتصاد والتنمية والعلوم، هذا الجهد وهذه القرارات جعلتنا نتطلع للمزيد، نعم هناك فرق عمل مجتهدة تدير المسرعات وتسعى للوصول للأهداف الموضوعة خلال المدة الزمنية المحددة، ولكننا نريد في هذه المقالة أن نضيف لهذا الجهد، بما يتناسب وجداولهم الزمنية وخطط العمل التي يقومون على إنجازها.

ومن وجهة نظر شخصية فإن المسرعات تحتاج إلى أن تكون أكثر شمولية في نظرتنا لها، فيجب أن نتعدى مرحلة تحديد الهدف ومن ثم تطبيقه خلال الفترة المحددة إلى أبعد من ذلك، فأصبحت الأهداف ذات طابع واحد وهو التنفيذ خلال الفترة المحددة فقط لا غير، وهنا نقترح التالي على السادة العاملين في فرق عمل المسرعات:

1- رصد التأثير بعيد المدى: سواء أكان على القطاع أو المؤسسة أو الشريحة المستهدفة، فلا يكفينا تحقيق الهدف فقط بل يجب أن نقيس تحقيق هذا الهدف مقارنة بالمشكلة نفسها، نعطي مثالاً بسيطاً على ذلك مشكلة البطالة والتي تم إضافتها كهدف رئيسي في العديد من المسرعات، فإذا كان الهدف توظيف 6000 مواطن خلال هذه السنة 2019، وتم تحقيق الهدف كما طُلب وبالمدة المحددة، ولكن ومع نهاية سنة 2019 تخرج من الجامعات والكليات 5000 مواطن وبدأوا بالبحث عن العمل حالهم حال جميع الخريجين، ونقول هنا هل تم تحقيق الهدف؟ الجواب لا، لقد تم توظيف 1000 فقط وليس 6000 لأن عدد العاطلين كما هو لم يتغير إلا بنسبة بسيطة.

2- قياس مدى تأثير إنجازات المسرعات على الميزانية الحكومية أو المحلية: لغة الأرقام لا تكذب أبداً، وأي إنجاز وإن تم تحقيقه في مدة محددة وبشكل سريع يجب أن ينعكس على الميزانية السنوية، لنكمل المثال الذي طرحناه في النقطة الأولى وهي مشكلة البطالة والأهداف التي تم تحديدها في المسرعات لتوطين عدد محدد، فلو تم توظيف 6000 مواطن خلال 2019 ومن ضمنهم 1500 مواطنة من فئة الضمان الاجتماعي، والذي يندرج تحته العديد من الفئات كالمطلقات والأرامل وغيرهما.

3- فرق عمل المسرعات يجب أن يتواجدوا في الميدان: المسرعات الحكومية تضم رؤساء دوائر ومدراء عامين ووكلاء دوائر وغيرهم من الشخصيات النافذة، والعديد من الأهداف التي يتم تحديدها في المسرعات ترتبط ببعض المؤسسات بشكل مباشر، ومثال ذلك الأهداف التي ترتبط بتسهيل الإجراءات وسرعة إصدار الرخص التجارية لتسهيل عمل المستثمرين، مثل هذا الهدف يرتبط بالعديد من الجهات بشكل مباشر كالدوائر الاقتصادية ووزارة الاقتصاد، وبجهات أخرى بشكل غير مباشر، ونقول هنا في حال كنت مديراً في إحدى هذه الجهات فما المانع بأن تتابع بنفسك العمل، وما المانع بأن تداوم يومياً على كاونترات التسجيل في الجهة التي تتولى زمامها، العديد من الإجراءات تتعطل بسبب التأخر في تعديل القوانين واللوائح، أو بسبب وجود متطلبات لا داعي لها لإصدار رخصة معينة، وأنت كمدير لن تعلم بوجود هذه المشكلات إلا إذا نزلت للميدان، العديد من الإجراءات يجب أن تمر بعدد كبير من المؤسسات والجهات الحكومية لكي تصدر الرخصة، مما يؤخر المستثمر أياماً وأسابيع لإصدارها.

Email