أيهما أقوى: التفكير بالمنطق أم التفكير بالخيال؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن العلوم التي تدرس للطلبة في المدارس والجامعات كثيرة ومختلفة، وكما هو معلوم فأغلب العلوم التي تدرس لها امتداد تاريخي كبير عبر العصور، منها علم المنطق الذي نشأ في قديم الزمان ومر بالعديد من المراحل التي جعلت منه أحد أهم العلوم حتى وقتنا الحاضر، والمنطق باختصار دراسة القواعد والأدلة للحصول على نتائج واقعية وصحيحة بعيداً على الرأي الشخصي، فيبدأ المنطق بمقدمات صحيحة وهي المدخلات، ويوصلنا في النهاية إلى نتائج صحيحة.

هذا شرح بسيط للمنطق، ومنه نشتق مفهوم التفكير المنطقي، وهو تفكير مستخدم في العديد من العلوم الأساسية كالرياضيات والجبر، وبسبب التطور الكبير الذي لحق بالمنطق أصبحنا جميعاً نستخدم حاليا التفكير المنطقي في بيوتنا ومكاتبنا وعلاقاتنا، لما له من مصداقية بعيداً عن الآراء الشخصية، وبالرغم من كل ما يتمتع به التفكير المنطقي من امتيازات فإننا نتساءل: هل التفكير المنطقي سيطغى خلال السنوات القادمة من عمر البشرية أم أن هناك طرق تفكير مختلفة، قد تؤدي إلى أحداث وظواهر وأدوات جديدة نجد صداها في أنحاء المعمورة.

نعم، هناك التفكير بالتخيل، والذي لا يمكن استخدامه في العلوم الأصيلة كالرياضيات والجبر ولكن يمكن استخدامه في العلوم والأدوات التي ارتبطت بالتكنولوجيا، فكما هو مشاهد فإننا نعيش عصر الثورة التكنولوجية، وأصبحت مواقع التواصل على سبيل المثال تدير أمماً بأسرها، وتوجه تفكير العديد من الأفراد، هذه المواقع بدأت بفكرة وانتشرت كانتشار النار في الهشيم، فأصبح التسابق في الميدان الآن للأكثر إبداعاً وابتكاراً، وهنا تتجسد قوة الخيال.

ومن أجمل ما قرأت كلام آينشتاين الذي جمع التفكيرين معاً، التفكير المنطقي والتفكير بالخيال، فكان الخيال هو طريقه لجميع النظريات التي وضعها، يقول آينشتاين في معرض حديثه عن الخيال وأهميته: «المنطق يأخذك من مكان محدد إلى مكان محدد، ولكن وحده الخيال القادر على أخذك لأي مكان»، وبهذه الجملة لخص آينشتاين الحقيقة التي نتحدث عنها في أسطر كثيرة بجملة واحدة، مفادها أن الخيال مقدم على المنطق، فالبداية يجب أن تكون خيالاً ومن ثم يهذب هذا الخيال بالمنطق.

ولآينشتاين العديد من الحكم المرتبة بأهمية الخيال، ومنها قوله: «العلامة الأكيدة على العبقرية ليست المعرفة، بل الخيال»، ويقول أيضاً «الخيال أهم من المعرفة، فالمعرفة محدودة بما نعرفه الآن وما نفهمه، بينما الخيال يحتوي العالم كله وكل ما سيتم معرفته أو فهمه إلى الأبد».

إن المفاهيم الجديدة المتعلقة بالمستقبل كمفهوم صناعة المستقبل، واستشراف المستقبل، والوظائف الجديدة المتوقعة بالمستقبل كلها تدفعنا إلى تبني طريقة التفكير بالخيال أولاً، ومن ثم تطويع نتائج هذا التفكير بالأسلوب المنطقي.

* كاتبة إماراتية

Email