صوفيا وترامب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تشكيل قوة بحرية لحماية ناقلات النفط في الخليج العربي حتى لا تتكرر هجمات إيران على السفن كما حدث في 12 مايو الماضي بميناء الفجيرة، وهجمات 13 يونيو التي وقعت في خليج عُمان.

لكن ما هو شكل هذه القوة البحرية؟ وما هي الدول المؤهلة لقيادتها؟ وكيف يمكن الاستفادة من التجارب والنماذج الأخرى للحفاظ على سلامة الناقلات حتى تتجنب كل الدول الدخول في حرب لا يريدها أحد؟

عندما وصل أوروبا عام 2015 أكثر من مليون مهاجر، وغرق آلاف من المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط وخاصة أمام الساحل الليبي فكرت ما تسمى بدول «البوابات» وهي إيطاليا واليونان وأسبانيا، بالتعاون مع دول «المقصد» وهي ألمانيا وفرنسا وهولندا وغيرها من الدول الغنية بالاتحاد الأوربي في تشكيل «قوة بحرية» يكون لها هدفان، الأول إنقاذ سفن المهاجرين التي تطلب الاستغاثة، والثاني منع المهربين من تهريب اللاجئين إلى أوروبا، وأطلق على هذه القوة «عملية صوفيا» حيث تتم مراقبة سفن المهجّرين عن طريق مراكز المراقبة في السفن، والغواصات والطائرات بدون طيار، ورغم التقييم المختلف لـ «عملية صوفيا» بين دول الاتحاد الأوربي إلا أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن «عملية صوفيا» نجحت في إلقاء القبض على 170 مهرباً، كما تم تحييد 560 سفينة تهريب، وإنقاذ 80 ألف شخص في عرض المتوسط، وهو الأمر الذي أدى في النهاية لتراجع أعداد المهاجرين منذ بدء العملية في يونيو 2015.

استنساخ صوفيا

ويمكن استنساخ «عملية صوفيا» لحماية السفن في مياه الخليج، خاصة أن فرص نجاح «عملية صوفيا الخليجية»، إذا جاز أن نطلق عليها هذه التسمية، أكثر بكثير من عملية صوفيا في البحر المتوسط لأكثر من سبب أبرزها أن المنطقة التي بها مخاطر في المياه الدولية بين إيران ودول الخليج أقل بكثير من المساحات الشاسعة في البحر المتوسط، كما أن بعض الدول الأوروبية اشتكت من ارتفاع تكلفة الرصد والرقابة والإنقاذ لسفن صغيرة ومتهالكة وقليلة خاصة في النصف الأول من العام الحالي، لكن عندما يتعلق الأمر بأمن ما يقرب من «ثلث النفط» المنقول بحراً في منطقة الخليج لن تشكل التكلفة أي عائق، كما أن قضية تقسيم الأعباء التي واجهتها الدول الأوروبية بشأن «عملية صوفيا» لن تكون بنفس الحجم، خاصة أن الدول التي تستورد النفط من الخليج دول ذات وزن ثقيل في الاقتصاد العالمي مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند والصين.

القيادة من الخلف

وهناك من يرى أن قيادة بريطانيا أو حتى اليابان ستكون نموذجاً لمبدأ «القيادة من الخلف» بالنسبة للولايات المتحدة لقيادة هذه العملية عن طريق حلفائها، وهو ما يقلل من التوتر في منطقة الخليج، فرئيس الوزراء الياباني كان في إيران، كما أن بريطانيا أرسلت أكثر من مسؤول مؤخراً إلى إيران، كما يمكن أن تكون بقيادة دورية من الناتو أو الدول الأعضاء في هذه الآلية.

وتعتمد هذه الآلية في الخليج العربي على إبلاغ السفن عندما تدخل مياه الخليج أو تخرج منه «مركز العمليات» الذي سيكون له ذراع تنفيذية تشبه «سفن التدخل السريع» تكون مهمتها إنقاذ السفن، أو إجلاء الأطقم البشرية، أو إطفاء الحرائق، وتشكيل هذه القوة البحرية لن يكون صعباً خاصة أن هناك قواعد بحرية عملاقة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في منطقة الخليج، لكن سيكون من الضروري إشراك اليابان وكوريا الجنوبية لأن الرئيس ترامب لا يريد أن يتحمل تكاليف لدول تعتمد بنسبة كبيرة على نفط الخليج.

تجربة الصومال

النموذج الثاني لمكافحة الإرهاب الإيراني ضد ناقلات النفط هو نموذج «مكافحة القرصنة» أمام السواحل الصومالية عند مدخل مضيق باب المندب وبحر العرب، حيث تصطحب السفن الحربية لكل دولة السفن التجارية التابعة لها حتى تعبر منطقة القرصنة، لكن يعيب هذا النموذج الزحام الشديد للسفن العسكرية في مدخل البحر الأحمر أمام سواحل الصومال، كما أن التنسيق سيكون أقل، ولذلك تعد «عملية صوفيا» النموذج الأنسب لحماية الناقلات في مياه الخليج العربي.

 

 

Email