الفوضى الخلاقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

العالم الآن يعيش في بعض أقطاره في فوضى نتيجة لقرارات واعتبارات مختلفة، هذه الفوضى التي أثرت في العديد من المجالات، وأهمها الاقتصاد العالمي، بدءاً من التوترات التجارية بين قطبي الاقتصاد في العالم، الصين والولايات المتحدة، ومروراً بالأوضاع السياسية المتوترة ولا سيما في الشرق الأوسط أغنى مناطق العالم بالنفط، وغير ذلك من الأسباب كالكوارث وقلة فرص العمل وفقدان العديد من القطاعات جاذبيتها في العديد من مناطق العالم كالقطاع العقاري.

هذه الأحداث المتتابعة جعلت من الحكومات أكثر مرونة فيما يتعلق بسياساتها من أجل مواجهة الخطر المحدق والذي قد يسبب أزمات اقتصادية عابرة للقارات، ومنها جذب المستثمرين بأي ثمن وبأي شكل كان وصل إلى حد بيع الجنسية أو منح الجنسية للمستثمرين، وغير ذلك من التسهيلات كسرعة إصدار الأوراق الرسمية لإنشاء المشاريع وتقليل الرسوم المالية في تجديد الرخص السابقة وإلغاء العديد من الاشتراطات التي كانت في السابق ضرورية للاستثمار وإطلاق المشاريع الاقتصادية في البلدان.

ولكن يبقى السؤال، هل ما تم اتخاذه من قرارات يفي بالغرض الذي صدرت من أجله، وهو جذب المستثمرين ودفع عجلة الاقتصاد، أم بإمكاننا أن نفعل المزيد، والإجابة عن هذا السؤال تستلزم منا وقفة، والنظر ما هي الأحداث أو القرارات الكفيلة بإعطاء دفعة قوية للاقتصاد في أي دولة، ونقول إن هناك بعض الأسباب التي ما زالت تعيق التقدم في هذه الجانب على الرغم من كل الإغراءات التي طرحتها حكومات العالم لإنعاش اقتصاداتها، وهي كالتالي:

1 الضريبة الحكومية: وهي عبارة عن رسوم تدفع للحكومة في العديد من دول العالم سنوياً من قبل الأفراد والكيانات الاقتصادية بنسب محددة، هذه الضريبة وفرت مصدر تمويل إضافياً للعديد من الدول، خاصة الدول التي تعاني من مشكلات كثيرة كالفقر والبطالة والكثافة السكانية العالية، فهذه الأموال يتم توجيهها بحيث تخدم العديد من هذه الفئات، ولكن وتحت وطأة هذه الضغوطات فلا مانع من مراجعة هذه الضرائب بحيث يتم تخفيفها على الأفراد والمؤسسات على حد سواء، أو دراسة إمكانية إيقاف العمل بها لأجل غير مسمى حتى نضمن استمرارية المشاريع الاقتصادية في البلدان، إن مراجعة نسبة الضريبة المفروضة، والشرائح المتضررة من أخذ الضريبة، قد يعطينا الحلول لمواجهة أي ركود قادم، ونحن هنا لا نقول إن مراجعة الضريبة سيكون خياراً جيداً في جميع البلدان، فبعض الحكومات في الدول الفقيرة تحديداً، الضريبة فيها مصدر للتمويل، وأي تغيير في السياسة الضريبية قد يترتب عليه ضرر أكبر في مثل هذه الدول.

2 التحويلات المالية للخارج من قبل العمالة: إن التحويلات في العديد من البلدان عبارة عن مليارات من الدولارات، وهنا وجب البحث والدراسة حول الفئات الأكثر تحويلاً، مستواها العلمي، نسبة التحويل إلى إجمالي الراتب، وبعد الاطلاع على كل هذه التفاصيل فما الذي يمنعنا من التوجه إلى هذه الفئة للاستثمار داخل الدول التي يعملون بها بجزء يسير من أجورهم التي يحصلون عليها، كالاستثمار في القطاع العقاري مثلاً، إن خلق الفرص أمام هذه الفئة الكبيرة والتي تحول سنوياً المليارات إلى بلدانها سينعش الاقتصاد في الدولة المستضيفة للعامل، وما علينا إلا أن نظهر لهم الفرص الموجودة والمكاسب المترتبة على الاستثمار.

3مشكلات الشركات: العديد من الشركات تعيش حالياً على وطأة النمو المنخفض، لذا فإن إيجاد الحلول والعمل مع هذه الشركات على خلق الفرص وتجنب الأخطاء قد يكون مفيداً للشركة والدول التي تحتضن هذه الشركة، فتقديم خدمات مجانية حول إعادة الهيكلة في هذه الشركات، للحد من هدر الأموال، بالإضافة إلى توفير فرص لتسويق منتجاتها بحيث يتم معاملتها كمعاملة الشركات الوطنية، سيكون كل ذلك بمثابة حقن إنعاش قد تمد بعمر الشركات، وتدفع عجلة العمل بها.

إن الأسباب التي قد ذكرت في الأعلى لا نقول إنها هي التي جنبت الاقتصادات النمو، ولكن إدارتها بالطريقة المناسبة من قبل الحكومات في العالم هي وغيرها من أسباب التباطؤ، قد يحد من المشكلات الحالية كانخفاض الوظائف، والتسريح من العمل، وزيادة الفقر.

 

 

Email