رادار لرصد القادة في مؤسساتنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن ممارسة الأعمال اليومية تفرز العديد من النتائج والخبرات، وتتراكم معها المعارف والمعلومات، ويصبح لدينا العديد من الموظفين من ذوي الخبرة والكفاءة في مختلف المؤسسات والقطاعات. هؤلاء الموظفون هم الذين يشكلون القوة الحقيقية للمؤسسة، وتحديداً موظفي الصف الأمامي من الذين يتواصلون مع مختلف الشرائح من عملاء المؤسسة، من أفراد وشركات.

إن وجود هؤلاء الموظفين من بيننا ونتيجةً لطبيعة العصر الذي نعيشه الآن والذي يتسم بالسرعة وإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتطوير منظومات الابتكار والابداع في المؤسسة، كل ذلك يجعلنا نلتفت باهتمام إلى الفئة المنتجة والذكية والمتميزة من الموظفين في المؤسسات، ويفرض علينا أن نراقب تطور الأداء لدى هؤلاء الموظفين بعيون الصقر لنقف على نقاط القوة ومواطن التحسين المطلوبة لسد الثغرات مستقبلاً.

إن هؤلاء الشباب هم القادة المستقبليون في المؤسسة، وهم من يمثل الصف الثاني والثالث والذي يعتمد عليهم في إنجاز المهام بسرعة وبجودة وبإبداع، لذا فإن رصد هؤلاء المتميزين في المؤسسة أحد واجبات المدراء والمسؤولين، كما أن من واجباتهم أن يُنموا مختلف المهارات لدى الشباب، لكي يؤهلونهم للمهام المستقبلية في سلمهم الوظيفي، وللمراكز القيادية التي من الممكن أن يصلوا إليها.

وفي هذا المقال نستعرض بعض التوصيات والمقترحات التي من خلالها نستطيع أن نهيئ المتميزين من الموظفين في مختلف مؤسساتنا الحكومية وأن نوفر لهم الجو المناسب لتنمية الإبداع والابتكار لديهم، بالإضافة إلى تنمية مهاراتهم وقدراتهم القيادية وثقتهم بأنفسهم.

أولاً: أنت المدير من يوم إلى أسبوع، والمقصود أن يتم تعيين المتميز في القسم مكان مديره ليتعلم كيفية اتخاذ القرار وحل المشكلات العالقة، بحيث يتنازل المدير أو رئيس القسم عن مكانه لمدة يوم لهذا الموظف المتميز وبحد أقصى أسبوع، بذلك نحن نشجع موظفينا ونساندهم عندما يجدون أنفسهم بمجالات عمل كبيرة ومهمة وحساسة، بالإضافة إلى أننا نعزز ثقتهم بأنفسهم، ونجعلهم يحلون بعض المشكلات من منظورهم الشخصي، ما يفتح الباب لحلول أكثر إبداعاً وابتكاراً.

ثانياً: تفريغ المتميزين ذوي الإبداع والابتكار من الموظفين للعمل على تنفيذ مقترحاتهم، فالبرامج الالكترونية التي تتلقى المؤسسة من خلالها مقترحات الموظفين تكون ممتلئة بالكثير من الأفكار الخلاقة والمفيدة، سواء كانت أفكاراً فيها اختصار للوقت، أو تطوير أدوات في العمل، أو تطبيقها يحقق عائداً مادياً للمؤسسة، فكثيرة هي الأفكار من هذا النوع، لذا من المفيد أن نفرغ أي موظف لفترة وجيزة لا تتعدى 10 أيام عمل لتنفيذ الفكرة إن كانت قابلة للتطبيق وفيها فائدة ستعود على المؤسسة، إن هذا الوقت الذي سيمنح للموظف هو بمثابة استثمار للمؤسسة، فقد ينتج عنه تطبيق إلكتروني يسهل العمل في المؤسسة، أو فكرة تقود إلى زيادة المدخول المادي، أو أداة تعرف بالمؤسسة وبرامجها بشكل أفضل مما عليه الوضع الآن.

ثالثاً: إقامة مسابقة لتقديم أفضل قائد مستقبلي على مستوى المؤسسة، بحيث يتم التنافس بين الأقسام لتهيئة قائد جديد من كل قسم، بحيث يتم الترشيح من كل الأقسام، ويتم اختيار الأفضل على مستوى المؤسسة في وقت لاحق، بحيث تتضمن هذه المسابقة برامج يعمل عليها هذا القائد، وفرق عمل يؤسسها، بالإضافة إلى اقتراحات مبتكرة قام بتنفيذها وأدت إلى تقديم فائدة كبرى للمؤسسة.

رابعاً: اختر تدريبك بنفسك: فالعديد من الموهوبين والمميزين في مؤسساتنا الحكومية والخاصة يتطلعون لتنمية مهاراتهم وقدراتهم في جوانب معينه قد لا تلتفت لها إدارة المؤسسة، إن من حق هؤلاء علينا أن نسمح لهم بحد أقصى دورة واحدة يختارونها هم بأنفسهم تلبي احتياجاتهم، ويكون باقي البرنامج التدريبي من إعداد المؤسسة بما يتناسب مع مهامه الوظيفية، إن هذه الخطوة المهمة في سبيل تعزيز المهارات وزيادة الكفاءة نفتقدها كثيرا في مؤسساتنا، فبعض إدارات الموارد البشرية في بعض مؤسساتنا الحكومية ترفض رفضاً قاطعاً أن تخرج عن البرنامج التدريبي المعد سلفاً لكل موظف ولو ليوم واحد، وهذا من الأمور التي عشتها شخصياً.

إن هذه النظرة للمتميزين هو عبارة عن مطلب وليس ترفاً، إن السرعة المطلوبة منا لإنجاز أعمالنا والجودة التي يجب أن تتوفر في مخرجاتنا، جعلت من تطوير أداء الموظفين ولا سيما المتميزين والمبدعين منهم مطلباً أساسياً للاستمرار والتطور، إن المؤسسات في المستقبل ستقاد من الشباب، والذين تختلف نظرتهم عنا، فتقييمهم الأمور سيكون مختلفاً، وتطلعاتهم للإنجاز سيكون مختلفاً عن توقعاتنا وأسلوب عملنا، لذا وجب توجيه الرادار لرصد أفضل الموظفين وتهيئتهم لمثل ذلك اليوم.

 

Email