هل حان الوقت لتكون وزارة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في دولة الإمارات يلاحظ التعامل المختلف والاهتمام الخاص برواد الأعمال المواطنين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، هذا الاهتمام برز من خلال عدة أوجه، بَدءًا من الاستشارة في مجال الأعمال والجدوى الاقتصادية والجوانب القانونية، إلى أن ينتهي بتوفير التمويل اللازم لهذا المشروع لكي يرى النور ومن غير فوائد مالية على القروض، ولذلك تم تأسيس العديد من المؤسسات التي تُعنى بمثل هذه المشروعات وتقدم الدعم لأصحابها، سواء على الصعيد الحكومي كصندوق خليفة ومؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومؤسسة الشارقة لدعم المشاريع الريادية، ومؤسسة سعود بن صقر لدعم مشاريع الشباب، وبرنامج سعود بن راشد المعلا لرعاية مشاريع الشباب، وغيرها من المؤسسات الحكومية، أو على صعيد القطاع الخاص كشركات التمويل وبرامج البنوك التي تُعنى بالمشاريع الصغيرة، والتي تتبنى أفكار الشباب ووفرت التمويل والاستشارة والحاضنات وغيرها.

إن الجهود المبذولة كبيرة جداً ومدعاة للفخر، وهذا الكم الكبير من المؤسسات التي ذكرنا بعضاً منها، إنما هو دليل على دعم كامل لحكومة هذا البلد لقطاع حيوي يعد من أكبر القطاعات المؤثرة في الاقتصاد الوطني، وهو قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تندرج ضمن مشروعات الشباب التي تتلقى الدعم من قبل المؤسسات سالفة الذكر.

فبعد أن قطعنا هذا الشوط الكبير في مجال رعاية مثل هذه المشروعات في الإمارات وجب الالتفات لخلق كيان كبير حكومي يجمع كل الجهود تحت سقف واحد، ولتوحيد هذه الجهود عدة فوائد أهمها:

أولاً: تبادل الخبرات بين مؤسسات دعم وتمويل المشاريع، لكل من هذه المؤسسات برامج مختلفة، ولدى كل منها سقف مختلف من الخدمات والدعم يختلف عن الأخرى.

إن عرض التجارب الرائدة في كل مؤسسة سينقل الخبرات من المؤسسات الأقدم إلى المؤسسات الحديثة في هذا المجال، على سبيل المثال مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع تأسست سنة 2002، ولديها من البرامج الناجحة ما يمكن نقله لباقي المؤسسات الوطنية حديثة العهد والتي تدعم الرواد، وكذلك صندوق خليفة ومؤسسة رواد وغيرها من المؤسسات التي نجحت بالفعل في خلق الفرص وإحداث التغيير في دورة حياة العديد من المشروعات الشبابية.

ثانياً: توحيد الاستراتيجية والرؤية والأهداف، ووضع الأطر العامة المشتركة بينها، لتمويل المشاريع والاستفادة من الخدمات في هذه المؤسسات، وليس ذلك فقط، بل وضع استراتيجية واضحة وموحدة في التعامل مع الشركاء الاستراتيجيين لهذه المؤسسات، ممن يقدم التمويل والاستشارة في القطاع الخاص كالبنوك وحاضنات الأعمال الخاصة، وهذا كفيل بجمع أصحاب العلاقة جميعاً في مكان واحد، ما يسهل إنشاء المشاريع والحصول على التمويل والدعم اللوجستي أيضاً.

ثالثاً: قاعدة بيانات موحدة لجميع المنشآت العاملة والنشاطات الاقتصادية التي تحصل على خدمات مؤسسات الدعم، وهذا القاعدة مهمة وضرورية من أجل رعاية هذه المؤسسات لتحصل الدعم الحكومي لها، وهي مفيدة في وضع الخطط المستقبلية لدراسة أنجح النشاطات، وما هي ميول رواد الأعمال، وما هي النشاطات الاقتصادية التي يحتاجها السوق، إن مثل هذه المعلومات والبيانات كفيلة بخلق الفرص لمشروعات رواد الأعمال، كالاستفادة من المشتريات الحكومية، وتسهيلات التجارة والصناعة، والاستيراد والتصدير، ولكن لن يكون الجهد على مستوى كل إمارة على حدة، بل سيكون على مستوى الدولة، كأن يحصل رائد أعمال يتبع برنامج سعود بن راشد المعلا على حصة ضمن مشتريات هيئة تنظيم المواصلات في دبي.

إن الجهود الجبارة التي بذلت في هذا الحقل تحديداً وهو الدعم الحكومي الموجه للشباب ولمشروعاتهم، تجعلنا نتطلع للريادة الحكومية في هذا المجال ليس على مستوى المنطقة، بل على مستوى العالم أيضاً.

Email