كالنقش على الحجر

إن حياتنا التي نعيشها مع من حولنا من الأسر والأفراد إنما هي نتيجة لما سبقها من تربية وتعليم وسلوكيات وقرارات مررنا بها جميعاً، وإن ذواتنا وشخصياتنا صنعتها مواقف مررنا بها مذ كنا صغاراً إلى يومنا هذا، ونحن مستمرون بالتعلم يومياً إلى أن تفارق الروح الجسد، الكثير من المواقف التي مررنا بها والعديد من الأحداث قد شكلت شخصياتنا سواء أكان بالسلب أو الإيجاب.

ومن بين ما شكل حياتنا وأسلوب معيشتنا وتفكيرنا هي نظرتنا للمال، لكل منا مصطلحه الخاص الذي يعرف به المال، ولكل منا ثقافة مالية مغايرة عن الآخر، إلا شيء واحد قد يجمعنا وهو طلب الزيادة وحب المال، وهذا يعد من الأمور الفطرية فالإنسان بطبيعة الحال له من الاحتياجات والمتطلبات ما يجعله بحاجة للمال لذا يسعى لطلب الزيادة دائماً.

وموضوع الثقافة المالية أشمل من أن نحصره في الادخار أو تنويع مصادر الدخل، والمعنى من ذكر هذا المثال هو أن تكون لنا وقفة فيما يتعلق بضرورة نشر هذه الثقافة، والبدء من الصفر عن طريق تعليم أبنائنا أسس التعامل مع المال، وكيف نستطيع أن ننميه ونحافظ عليه، وأهمية الأصول التي تدر المدخول المادي علينا وكيف نعزز من عملها، أهمية الادخار، وغيرها من المواضيع، والأهم من كل ذلك هو تعليم أبنائنا من أين عليهم أن يستقوا ثقافتهم المالية؟

إن هذا المقال هو رسالة للقائمين على القطاع التعليمي والتربوي في الدولة، نعرض فيه بعد المقترحات والتي نرجو من الله أن تكون مفيدة للمسؤولين، وأن يكون لها تأثير إيجابي في سلوك طلابنا المستقبلي بما يكفل لهم حياة كريمة، نعم الحكومة الرشيدة وفرت كل سبل الراحة والرفاه، ونحن علينا أن نحافظ على هذا الرفاه بدءاً من المدرسة وانتهاء بالبيت والعمل، لذا نقترح التالي:

أولا: تدريس كتب منتقاة في الثقافة المالية ضمن المراحل السنية المختلفة، فهناك العديد من كتب في مجال الثقافة المالية منها ما تم كتابته من قرابة القرن من الزمن ومازال إلى اليوم كتاباً مؤثراً، ومنها كتب حديثة وشيقة، وهنا أنا لا أقصد بأن تطبع الوزارة كتاباً مدرسياً هي تصدره، لا، بل تقوم بإضافة كتاب لمؤلف معتبر من الذين كتبوا في هذا الموضوع، والكتب كثيرة في هذا المجال، وهنا ومن خلال اطلاعي البسيط أقترح أن يتم تدريس كتاب «الأب الغني والأب الفقير» لروبرت كيوساكي في المرحلة الابتدائية، الكتاب يذكر كيف أن المؤلف تأثر بوالد صديقه الغني وكيف رباه على أهمية العمل وكيف يمكن اكتساب الخبرة وجمع المال، وأقترح أيضا تدريس كتاب «أغنى رجل في بابل» لجورج كلاسون ضمن المرحلة الإعدادية، هذا الكتاب رائع، ويعرف الطلاب بمصطلح الأصول وأهميتها وجعل هذه الأصول تدر الأموال، كما يعرفنا بكيفية اختيار الاستثمار بعناية لنتجنب الأخطاء، هذا ونعلم بأن المكتبات تزخر بالعديد من الكتب المؤثرة في هذا المجال وللمسؤولين عن التعليم المجال لاختيار الأنسب.

ثانيا: متطلب إعداد دراسة جدوى مبسطة لمشروع تجاري، للمراحل السنية المتقدمة (المرحلة الثانوية)، وبهذا التكليف البسيط سيتم إضافة كم هائل من المعلومات والمصطلحات للطالب، ثلاث صفحات كافية لإعداد دراسة مختصرة، سيتعرف من خلالها على السوق الذي سيبيع فيه منتجه، من هم منافسوه ويذكر أسماء شركات تعمل في هذا المجال.

وختاماً نقول إن الأفكار الخلاقة لا تنتهي، ومن أجملها فكرة «التاجر الصغير» والتي أطلقتها دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، فكرة رائدة بحق، بحيث يتم فتح المجال لطلبة المدارس الثانوية وطلبة الجامعات لخوض تجربة البيع والتجارة لعدة أيام في منفذ معين كالمراكز التجارية، فكرة جميله ليتها تعمم على باقي المراحل السنية الصغرى عن طريق وزارة التربية والتعليم في مدارس الدولة، هذا ونقول إن تدارك أخطاء الحاضر سيبدأ من المدرسة، فلنعزز الثقافة المالية في عقول طلابنا، ونحن بذلك نقوم بتنشئة مواطن صالح ومسؤول يحافظ على الموارد المالية والشخصية ويسعى لتنميتها.

الأكثر مشاركة