يوم إماراتي خالد

ت + ت - الحجم الطبيعي

«يوم الشهيد الإماراتي»- الذي يوافق 30 من شهر نوفمبر من كل عام- بات أحد الأيام الخالدة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي نحتفل بها على عكس ما جرت عليه العادة والعرف السائد في ذاكرة شعوب العالم، في إشارة إلى «بصمة إماراتية» جديدة في طريقة التعاطي مع الأشياء.

والرائع أن هذا اليوم يأتي متزامناً مع اليوم الوطني للدولة زمنياً وعاطفياً، فالأول يصادف الثلاثين من نوفمبر، حيث استشهد فيه أول شهيد إماراتي والآخر الثاني من ديسمبر، حيث تم إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة الأمر الذي يؤكد أن اليومين في عرف الإنسان الإماراتي يعكسان رمزاً واحداً، وهو الوطن.

وإذا كانت الصدفة، وهي صدفة جميلة، وحدها قد لعبت دوراً في تحديد يومي الشهيد والوطني، فإن اختيار المكان «ساحة الكرامة» الذي نستذكر فيه تضحيات الشهيد.

ونبرز فيه للعالم عن دور دولة الإمارات في خدمة الإنسانية لم يكن وحي صدفة، بل تم الأمر بدقة ووعي كاملين كونه يقع بين رمزين وطنيين من ناحية على مسافة غير بعيدة عن قبر المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة «الدولة» النموذج في العالم العربي.

وصاحب الرسالة الإنسانية والتسامح، ومن ناحية أخرى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة المؤسسة التي تمثل رمز الوطنية في كل المجتمعات الإنسانية على اختلاف عقائدها وأفكارها وعلى مر التاريخ الإنساني.

قيمة «الكرامة» هي واحدة من القيم التي رسخها زايد والتي لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونها، وبالتالي فإن تخصيص مكان للشهيد يحمل هذه القيمة لاستعادة قصص بطولية واقعية وحقيقية قام بها أبناء دولة الإمارات، وسجلها لهم التاريخ وليست من نسج الخيال الفكري. فأسماؤهم وإنجازاتهم الخالدة موجودة هنا، وهذا حقهم وحق أبنائهم، لأنهم حملوا أرواحهم الغالية على أكفهم حينما دعاهم الواجب الوطني والإنساني.

لو دققنا في الاحتفال بيوم الشهيد باعتباره مناسبة تقام فيها الأفراح والأهازيج الوطنية، ربما تكون مستغربة لدى من اعتاد على الأسلوب النمطي والتقليدي.

ولكن بالنسبة لنا في دولة الإمارات فهو يحمل رسالة ذات أبعاد مختلفة ولعل أهمها هنا: أنها تدفع بأبناء الإمارات لأن يزدادوا فخراً بوطنهم بأنه يستحق منهم العطاء بالقدر الذي يمنحهم من عزة وفخر سطره لهم أجيال سبقتهم في التضحية والعطاء، وعلى رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي نحتفل بمئويته في «عام زايد».

والنقطة الأخرى في «منهج» الإمارات في استذكار شهدائها الذين قدموا أرواحهم في سبيل الوطن أنها تبعث رسالة لكل من يضمر شراً أن يفكر طويلاً، ويحسب كثيراً قبل أن يقدم على أية خطوة قد يندم عليها، فأرواحهم الغالية، رخيصة في مقابل الوطن.

إن الربط بين ما تم استعراضه في الفقرات السابقة تجعل الإنسان الطبيعي يستشعر كل المعاني الوطنية التي أرادت القيادة الإماراتية أن تبثها وترسخها لكل من ينتمي إلى هذه الأرض، بل إن رسالة الإنسان الإماراتي تكون قد وصلت أقصاها للأصدقاء والأعداء خاصة تلك التي تقول:

بأن يوم الشهيد في سبيل الوطن هو يوم عيد لمواطني دولة الإمارات ومفخرة لهم عندما يروونها بدمائهم الزاكية، وهو أحد الدروس التي يمكن الاستفادة منها بأن يوم الشهيد ليس من أجل الحزن والبكاء على فقدان من مات من أجل الوطن، بل هو يوم الوطن ويوم العيش بكرامة.

التاريخ الوطني للمجتمعات المتحضرة لا يمكنه أن يمحو بصمات تركها أبناؤها مهما طال الزمان بل ستظل إنجازاتهم ومواقفهم قصصا تحكى وتتذكرها الأجيال تلو الأجيال.

بأنهم قدموا أغلى ما عندهم لتغيير مجرى تاريخ وطن، وأن مثل هؤلاء هم «حملة قناديل» تساعد من جاء بعدهم بالسير على خطاهم. ونحن إذ نستذكر أفعالهم الوطنية هذه الأيام فإن جميع أبناء دولة الإمارات يؤكدون أنهم على القدر نفسه من الحماسة والاندفاعة من أجل حماية دولة الإمارات والدفاع عنها.

* كاتب إماراتي

 

 

Email