أداء ترامب يرسم مستقبله السياسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ صعود دونالد ترامب إلى سدة الحكم، وهو غائص في كثير من الأمور الخلافية سواء أكانت سياسية أم قانونية أم شخصية، وأحياناً ما يتعلق بالذوق العام. بيد أن الوضع الذي يواجه ترامب، كما يرى البعض، قد يقضي على مستقبله كرئيس، أو على الأقل سينتهي سياسياً بعد أن يكمل فترته الرئاسية الأولى.

والمجتمع السياسي في أميركا المكون من النخب السياسية من صناع القرار والنخب المثقفة من صناع الرأي قد ضاقوا من تصرفات ترامب، وخاصة على المسرح العالمي. وقد أحدثت تصرفات ترامب في جولته الأوروبية الأخيرة صدى كبيراً، وتمس أهليته كرئيس للولايات المتحدة.

والغريب أن عالم السياسة ألن ليختمان والذي تنبأ بفوز ترامب بالرئاسة الأميركية، ويكاد أن يكون من القلة التي فعلت ذلك، كتب كتاباً يدور حول صحة اتهام وإدانة ترامب من قبل الكونغرس الأميركي. ويرى أن التهم والتي قد توجه للرئيس الأميركي، حسب ما جاء في ملخص للكتاب، هي: 1. التواطؤ في مؤامرة مع دولة أجنبية؛ 2. الحصول على هدايا مخالفاً للدستور؛ 3. إهمال البيئة والتسبب في جرائم ضد الإنسانية.

وقد كال الرئيس الشتائم والتهم لحلفاء واشنطن الأوروبيين وأعضاء الناتو، وأعلن أن حلف الناتو أصبح عديم الجدوى وقد عفا عليه الزمن. بل أن الالتزام لنجدة دولة صغيرة مثل مونتينيجرو لا يجلب أي مصلحة للولايات المتحدة وقد يقود إلى حرب عالمية ثالثة. وعندما سئل من هو خصيم الولايات المتحدة أشار ترامب إلى الاتحاد الأوروبي.

وعند لقاء الرئيس ترامب مع فلاديمير بوتين في هلسنكي قبل أسبوعين، أصر الرئيس أن يكون اللقاء رأساً برأس دون حضور أي من كبار مساعديه. ولم يحضر اللقاء وزير الخارجية أو مستشار الأمن القومي على غير عادة اللقاءات بين الزعماء. وعندما برز الزعيمان للمؤتمر الصحافي ظهر ترامب بموقف ضعيف ولم يواجه بوتين في قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية في 2016.

وعندما سئل ترامب عن إجماع الأجهزة الاستخباراتية الأميركية حول تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية، راوغ الرئيس وبدا كما أنه يشكك في إجماع الأجهزة الاستخباراتية حول هذه المسألة. وأضاف ترامب إنه لا يرى سبباً لتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية. رغم أن المحقق الخاص روبرت مولر وجه الاتهام لاثنى عشر عميلاً روسياً قبل الاجتماع في هلسنكي. وحين عرض الرئيس الروسي على ترامب السماح للولايات المتحدة بالتحقيق مع المتهمين الاثنى عشر في مقابل قيام روسيا بالتحقيق مع بعض المسؤولين الأميركيين ومن ضمنهم السفير السابق للولايات المتحدة في موسكو بدا وكأن الرئيس قابل بالعرض ومستعد للمقايضة.

كما أن الرئيس ترامب يواجه تهمة تتعلق بفضيحة جنسية مع ممثلة أفلام إباحية. وقد دفع ترامب قبيل الانتخابات الرئاسية عن طريق محاميه لإسكات الممثلة للإحالة دون تأثير الفضيحة على حظوظ ترامب الانتخابية.

وكان لهذه الأسباب جميعها أن ثارت حفيظة الساسة في واشنطن بما فيهم الجمهوريون، وبدأت موجة من الانتقادات على تصريحات الرئيس ترامب، ورافقت اتهامات للرئيس بالخيانة، كما قال مدير وكالة المخابرات المركزية السي آي إيه. وطالب البعض بتوجيه الاتهام لترامب وعزله من الرئاسة.

وإذا ما أثبت على الرئيس بعض من هذه التهم والتي يعد فيها مخالفاً للقانون، ومنها محاولات إعاقة التحقيق، فإن الرئيس سيوجه له تهم بهذا الخصوص. ولكن هناك عقبة في طريق توجيه الاتهام ومن ثم إدانة الرئيس وعزله والمتمثلة بسيطرة الجمهوريين على مجلس النواب والشيوخ.

فعملية الاتهام ضد الرئيس تتطلب موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب على لائحة الاتهام، أو على كل بند في اللائحة. ومن ثم يقوم مجلس الشيوخ بالمحاكمة برئاسة رئيس المحكمة العليا للإدانة أو البراءة حسب ما ورد في لائحة الاتهام. وإذا استطاع المجلس إثبات التهم كلها أو بعضها يصوت على عزل الرئيس، أو أي مسؤول آخر، بأغلبية الثلثين. فعلى سبيل المثال عندما اتهم الرئيس السابق بيل كلينتون بالحنث بقسمه في قضية لوينسكي فإن مجلس الشيوخ قام بالمحاكمة ولكن لم يستطع عزل الرئيس بسبب قصر الأصوات المطلوبة لتحقيق ذلك. وبالتالي أكمل كلينتون فترته الرئاسية الثانية.

ولكن مسألة الأغلبية الجمهورية متوقعة أن تتجاوزها الانتخابات النصفية للكونغرس، والتي ستعقد في 6 نوفمبر من هذا العام. والمتوقع أن يتغلب الديمقراطيون على الجمهوريين، ويسيطروا على أحد المجلسين أو كلاهما.

والمهم في الأمر أنه في كلا الحالتين، إذا أدين أو برئت ساحته، فإن المتوقع أن الرئيس سينتهي سياسياً.

كاتب وأكاديمي

Email