30 يونيو.. درس لم تفهمه قطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

سيظل 30 يونيو يوماً فارقاً في تاريخ الصراع على مستقبل المنطقة. إنه اليوم الذي استردت فيه مصر نفسها، وتحررت من حكم الإخوان، وهو اليوم الذي كتب فيه شعب مصر كلمة النهاية لهذه الجماعة الخائنة، وأوقف في الوقت نفسه مخطط تسليم الوطن العربي لحكم العصابات المتاجرة بالدين، تمهيداً لخريطة جديدة تسقط فيها الدولة ويتم تقسيم الأوطان.

وعلى مدى عام كامل كانت الأقنعة تسقط، وكانت الحقائق تتكشف بعد أن تصور أعداء الأمة أنهم قد أحكموا الخناق على مصر، وأن الطريق قد انفتح أمامهم لضرب كل الخلايا الحية الباقية في وطن عربي عانى الكثير وهو يكافح من أجل الحرية، ثم من أجل البناء.

الدعم الكامل من إدارة أوباما لحكم الإخوان كان يسقط كل حديث أميركي عن الحرية والديمقراطية الحقيقية، وكان العملاء الصغار والكبار يتحركون بتنسيق كامل لدعم الحكم الإخواني، انفتح خط الدعم المالي من قطر، ولم تجد إدارة أوباما بأساً من أن يستفيد الإخوان من تجربة الحرس الثوري الإيراني في الهيمنة على أجهزة الدولة، وأن تستقبل القاهرة أحمدي نجاد لهذا الغرض، وأن تنفتح أبواب التعاون المخابراتي بين الجانبين.. فالمهم في مخطط الفوضى غير الخلاقة أن تحكم فاشية الإخوان وأن تقمع الشعوب. وأن تندلع الصراعات الدينية وأن يتم إسقاط الدولة ليسود حكم الميليشيات ومنطق التقسيم!!

ومن هنا كان طبيعياً أن يبدأ الإخوان في محاولتهم للهيمنة على كل أجهزة الدولة، وأن يكون صدامهم كاملاً مع كل المؤسسات ومع كافة تيارات المجتمع.. وكان لافتاً أن يبدأ الإخوان في تحويل سيناء إلى ملاذ لكل جماعات الإرهاب التابعة لهم أو المتحالفة معهم، لينتهي الأمر بهم إلى تهديد شعب مصر بالخيار بين أن يحكمهم إخوان الإرهاب أو يواجهون القتل!!

وكان الرد المزلزل في 30 يونيو، حين خرج أكثر من ثلاثين مليون مصري ليسقطوا حكم الفاشية الإخوانية.

لم يكن ممكناً إلا أن تسترد مصر نفسها، وأن تنقذ مصيرها، وهنا يبرز الموقف الحاسم لدولة الإمارات والمملكة السعودية في دعم شعب مصر، وهو يؤكد إرادته ويستعيد دولته من قبضة عصابة الإخوان.

مرت خمس سنوات. سقط حكم الإخوان في مصر وسقطت معه كل مخططات الهيمنة على المنطقة باستخدام عصابات الإرهاب المتاجرة بالدين. ومع ذلك لا يريد من يديرون اللعبة أن يستخرجوا شهادة الوفاة الرسمية لهذه الجماعة التي يدركون جيداً أنها أصل الإرهاب، ولا يريدون حتى الآن إسقاط حمايتهم للذيول والاتباع من الجماعات والدول التي تنفذ مخططاتهم في استنزاف قوى العالم العربي!!

تقاتل مصر الإرهاب في سيناء ولن تتوقف حتى تستأصله، والمؤكد أن ما كان الإخوان ينفذونه من مخططات لصالح من يرعونهم لم يعد وارداً، لن تكون سيناء مركزاً لعصابات الإرهاب، ولا ورقة للضغط على مصر أو على العرب!!

تدرك القوى الحية في الوطن العربي أن تطهير الأرض العربية من الميليشيات الإرهابية والطائفية هو مهمتها الأساسية، وأن أمنها القومي لن يتم إلا بقوتها وحدها. وأن من يستدعي تركيا وإيران هم أنفسهم الذين وقفوا أمام الإخوان والدواعش وتعاونوا مع الحرس الثوري والميليشيات التابعة له حتى وإن حملت أقنعة تدعي العروبة التي تنكرها وتتآمر عليها!

لكننا باليقين ندرك أن العالم العربي بعد 30 يونيو قد تغير، وأن استعادة مصر لنفسها من براثن الفاشية الإخوانية كان نقطة فاصلة في مسار الصراع على مستقبل المنطقة كلها، نعي جيداً حجم الكارثة التي كان يمكن أن يكون العالم العربي كله قد غرق فيها لو استمر حكم الفاشية الإخوانية لمصر، ولو تم تنفيذ مخطط تحويل الدولة العربية الأكبر إلى قاعدة لسيطرة أكبر جماعات الإرهاب على دول المنطقة وممارستها العمالة التي تربت عليها لتنفيذ مخططات الأعداء في تدمير هذه الدول، وفي فرض خريطة جديدة تقسم ما سبق تقسيمه، وتعيد العرب إلى القرون الوسطى!!

سقط هذا كله بعد 30 يونيو ولم تنته الحرب لا على مصر ولا على العالم العربي، لكن الأمر يختلف كانوا يعتبرون مصر هي «الجائزة الكبرى» التي سقطت في أياديهم، وأن سقوط الجميع بعد ذلك مسألة وقت. الآن نعرف، ويعرف كل من يعترف بالحقائق، أن مصر تعود لدورها ومكانها في قلب أمتها العربية، وأن الإخوان قد سقطوا في مصر، والباقي مسألة وقت!! ونعرف الأهم: أن سقوط الإخوان يعني سقوط الإرهاب، وسقوط كل من يدعمونه من جماعات تحمل رايات مختلفة ومن دول مثل قطر ما زال حكامها يسخّرون ثروات شعوبهم لخدمة بقايا الإخوان ويحولون عواصم دولهم إلى ملاذ لقيادات الإرهاب.. ويحتضنون أمثال «القرضاوي»، ويجعلون من إعلامهم صوتاً للتحريض والأكاذيب، ويستدعون القوى الأجنبية لتحميهم من شعوبهم ويستمرون في إنكار النهاية المحتومة، ولا يفهمون أنها مسألة وقت!!

* كاتب مصري

Email