تايتانيك وألتالينا.. قصة سفينتين!

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين تايتانيك البريطانية وألتالينا الإسرائيلية ثمة صلة غرق؛ الأولى، الأشهر في التاريخ، اصطدمت بجبل جليد فغرقت، والثانية غرقت وأنقذت «إسرائيل» من الغرق، وهي في طور الولادة.

بعد مرور أكثر من قرن على غرق تايتانيك ما زال الغموض يلف الحادث الذي أودى بحياة ألف وخمسمئة شخص.

قبل أيام، في 15 أبريل الحالي يكون قد مرّ مئة وست سنوات على غرق أضخم وأسرع سفينة في حينه، وذلك في شمال المحيط الأطلسي، وعلى متنها 2200 راكب من جنسيات مختلفة أغلبها بريطانية.

ففي العاشر من أبريل غادرت تايتانيك ميناء ساوثامبتون في إنجلترا مبتدئة أولى رحلاتها التي لسوء الحظ كانت الأخيرة أيضاً، وبعد توقف في شيربورغ - فرنسا وكوينزلاند- أيرلندا اتجهت السفينة بأقصى سرعة إلى نيويورك. لكن منتصف ليلة 14 أبريل اصطدمت بجبل جليدي، فاضطربت وجنحت حيث امتلأت مقصوراتها بالماء، وانشقت إلى نصفين. ولأن قوارب النجاة لم تكن تكفي، فقد قضى غرقاً حوالي ألف وخمسمئة من الركاب.

غرقت تايتانيك، إلا أن قصة الزوجين إدوارد وجيردا «جاك وروز»، في الفيلم الذي جسد القصة الحقيقية، ما زالت تطفو على سطح العالم كواحدة من أشهر قصص الحب في التاريخ.

أما السفينة ألتالينا فإنها تجسد فصلاً من فصول الغرق الفلسطيني في الضياع، وإقامة الكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية.

كان الجو صيفاً، حين رست السفينة على شواطئ فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني محمّلة بالأسلحة، التي أحضرها تنظيم «الإيتسيل» «إحدى العصابات السرية اليهودية الإرهابية» من فرنسا، في محاولة لكسب الحرب بين إسرائيل والعرب، التي كانت قد بدأت ثم غيّرت خريطة الشرق الأوسط فيما بعد.

على السفينة كانت كمية أسلحة كبيرة، من ضمنها حوالي خمسة آلاف بندقية، عشرات الآلاف من القنابل، ملايين الرصاصات، رشاشات، مركبات مصفحة ومعدات ثقيلة أخرى.

عصابة الإيتسيل، التي كان يقودها مناحيم بيغن، لم تكن رسمياً ضمن القيادة الإسرائيلية، بل كانت أشبه بشريك لعصابة يهودية أخرى هي الهاغاناه التي كان يقودها ديفيد بن غوريون.

بيغن كان يصنف على إنه «قومي» وبن غوريون «اشتراكي»، ولم يكونا متفقين في الأفكار والسياسات، ولم يحب كل منهما الآخر.

كان لكل منهما مواقف المختلفة في ما يخص فكرة إنشاء الكيان الإسرائيلي، وكيفية التعامل مع الحرب التي تهدف لفرض «الدولة» الجديدة على خريطة العالم، ووجه بن غوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل) اتهامات عدة لبيغن حينها، أبرزها أنه فاشي ويشبه هتلر بدرجة كبيرة، وهو الاتهام الذي كتبه بعد ذلك في مذكراته.

وبينما كانت حرب 1948 مشتعلة، ذهب بيغن إلى بن غوريون وقال له ان هناك سفينة تدعى ألتالينا محملة بالأسلحة على مشارف تل أبيب ويرجو منه السماح له بإدخالها الميناء.

فرد عليه بن غوريون، بأنه «يوجد جيش واحد في إسرائيل»، وأنه سيفجر السفينة إن دخلت الميناء.

ومع عناد بيغن، قام بن غوريون بإعطاء الأمر بتفجير ألتالينا «بمن عليها وبالسلاح الذي عليها»، يوم 22 يونيو 1948، في عز حرب فلسطين،

وقد فقد من عليها في البحر، وغرقت السفينة بما عليها من سلاح.

مؤخراً، قال خبيران أنهما قادران على إيجاد حطام تلك السفينة، رغم أن الكثيرين يؤكدون أن الأمر غير منطقي بسبب أن مهمة اكتشاف حطام السفينة، التي غرقت منذ سبعين عاماً، يتطلب قدراً كبيراً من المعرفة والبحث والوقت والمال.

يعتبر الإسرائيليون أن مناحيم بيغن هو الذي أنقذ إسرائيل من حافة حرب أهلية، حين قرّر ألا يقاوم الجيش الإسرائيلي الذي كان في طور التشكيل من عصابات الحركة الصهيونية ومساعدة بريطانيا، طبعاً، لإدراكه أنها قضية استراتيجية.

وسواء نجح الخبيران في إيجاد حطام السفينة، أو كان تصريحهما مجرّد خيال، سيظل هذا الحادث علامة فارقة في تاريخ «إسرائيل»، التي دخلت في حروب عدة، وأدرك بعض سياسييها مبكراً أن الحرب الأهلية لن تكون أبداً في مصلحتها، وهو الدرس الذي لم يتعلمه - للأسف- بعض الفلسطينيين؛ فهؤلاء، في الضفة وغزة يقتتلون على وطن كله محتل وينسون الاحتلال!!

 

Email