نهج عدائي

ت + ت - الحجم الطبيعي

«صبيان في الـ18 يتدربان على لعبة كرة القدم، على أمل أن يمثلا فلسطين دولياً حين تصبح لهما دولة. جنود إسرائيليون «يقررون» أن لا يسمحا لهما بذلك، فاطلقوا سبع رصاصات على قدم أحد الصبيين وأربعاً على قدم الثاني. ما يعني بوضوح أنهما لن يلعبا كرة القدم ثانية، ولن يمشيا.. أبداً».

بهذه الكلمات تحدث الموسيقي البريطاني الشهير روجرز ووترز في ندوة في نيويورك مؤخراً، رداً على محاورته المؤيدة لسياسة القمع الإسرائيلية.

وصرخ محتداً: تقولين أنا موسيقية ولا أريد روجرز أن يزعجني، ماذا؟! لقد أطلقوا النار على صبيين يلعبان كرة القدم، لا تحدثيني عن الحرية. أنا عشت هناك بين الفلسطينيين، وشاهدت ممارسات الجيش الإسرائيلي الوحشية. صعب أن يطرق أحد أياً كان بابك كل ليلة، في فلسطين يحدث هذا كل ليلة، كما في حالة عهد التميمي.

يذكرنا المشهد الذي يرويه روجرز بالصورة التي تداولتها وسائل الإعلام لإصابة أحد المشاركين في مسيرة العودة بالرصاص في قدمه الاصطناعية التي ركّبها بعد أن بترت ساقه في وقت سابق بالرصاص الإسرائيلي أيضاً.

والسؤال: هل نؤمن بأن البشر لهم حقوق؟ الإسرائيليون يضيعون الوقت منذ العام 1948 ويدعون انهم مؤمنون بقرار الأمم المتحدة للعام 1949 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين إسرائيلية وفلسطينية.

لكنهم لم يظهروا أية نية لتنفيذ القرار الأممي. بل على العكس يؤكدون بأفعالهم أنهم يريدون كل شيء، كل الأرض. ويمارسون سياسة ممنهجة لتحويل حياة الشعب الفلسطيني إلى جحيم. ودفعه للنزوح إلى مخيمات لاجئين في الدول المجاورة. لقد أصبح من الصعب على نتنياهو أن يكرر نفس الادعاء الآن.

ويخاطب ووترز جمهور الأمسية: أنتم جميعا، جهودكم لن تذهب هدراً، لأني أعلم أن وسائل الإعلام لن تنقل ما أقوله لكني أتحدث إلى فئة من الناس تدرك الحقيقة، وبخاصة المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية. إسرائيل تمارس سياسة استعمارية عنصرية ضد الفلسطينيين. وقد بدأ جيل الشباب يرفض ممارسات إسرائيل العنصرية، فالقضية إنسانية بالدرجة الأولى، وهذا ما يسعدني.

كثيرون الذين اكتشفوا ادعاء الحركة الصهيونية بأن «إسرائيل» هي أرض اليهود من كل أنحاء العالم. فنان الجاز العالمي جِلعاد عَتسمون، كما يظهر في كتابه «من التائه»؟ يتجاوز كثيرين منهم بانسلاخه، لا عن صهيونيته ويهوديته فحسب، بل عن هويته الإسرائيلية، فيغادر «إسرائيل» ليعيش في لندن، ويظل يتقرب إلى العرب وثقافتهم وفنونهم، وخصوصاً الموسيقية، إلى أن بات يُعرِّف نفسه بأنه «فلسطيني يتكلم العبرية».

المتطرفون اليهود بزعامة نتنياهو لا يعادون المسلمين فحسب، بل هم يناصبون المسيحيين كذلك العداء. تكفي نظرة واحدة لحال الكهنة والرهبان في القدس لتكشف مدى الاضطهاد اليهودي للمسيحيين.

إذ تزايدت خلال السنوات الماضية ظاهرة «البصق» التي يتعرض لها هؤلاء الكهنة من قبل متطرفين يهود، إضافة للشتائم وتحطيم الممتلكات وتدنيس القبور المسيحية وتحطيم شواهدها. وقد كشفت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي في تقرير مدى فظاعة وقباحة ما يتعرص له الرهبان في القدس من أذى.

الأب جرجوري كولينس، رئيس أساقفة كنيسة رقاد السيدة العذراء القريبة من السور الجنوبي المحيط بالبلدة القديمة، قال إنه بات يخشى التجول في شوارع القدس ليلاً. وأضاف: تعقبوني في الشارع وصرخوا في وجهي «يا شيطان».

ويضيف: «واجهت الكثير من الإهانات خلال الفترة الأخيرة، تفوق ما كان عليه الحال عندما جئت إلى هنا قبل عامين ونصف العام. بصقوا في وجهي أو خلفي من 10-12 مرة على الأقل. في معظم الحالات كانوا فتياناً متطرفين».

كما أن هناك جماعات يهودية منظمة تنفذ عمليات انتقامية تسمى «تاج م حير» أو «تدفيع الثمن» تستهدف حتى الأديرة، وتكتب عبارات عليها عنصرية، مثل «المسيحيون قرود» و«الموت للمسيحيين».

كاميرات المراقبة تكشف هؤلاء المخربين وهم يتسللون تحت جنح الظلام إلى مقابر الطائفة الإنجيلية ويحطمون شواهد القبور ويقومون بتدنيسها وكتابة العبارات المسيئة، وسط تواطؤ الشرطة الإسرائيلية..

في 15 يونيو 2015 قامت خلية إرهابية يهودية مكونة من خمسة أفراد بحرق كنيسة «الخبز والسمك» على ضفاف بحيرة طبريا وكتبت على حائطها عبارات مثل «ولتهدموا الأوثان هدماً».

تلك حكاية تسييس اليهودية التي نسجتها الحركة الصهيونية. فمن يحمي اليهود من الصهيونية؟!

 

Email