حرب اليمن في زيارة الأمير

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الثلاثاء الموعود، بين الأمير والرئيس»، وهو عنوان محطة msnbc، يعكس أهمية الزيارة الطويلة التي يبدأها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة.

في واشنطن جملة ملفات من بينها الحرب في اليمن، الذي يحاول معارضو الرئيس دونالد ترمب تحويله إلى معركة لسلب البيت الأبيض من صلاحياته في نزاع قديم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على ما يعرف بقانون سلطات الحرب. ثلاثة أعضاء من مجلس الشيوخ يعملون على مشروع قانون يلزم الرئيس بوقف التعاون العسكري مع المملكة العربية السعودية في حرب اليمن.

ومع أن مقدمي القانون يطلبون التصويت عليه خلال أيام لكن الأرجح أن يتم تأجيله ومراجعته، لأنه يفتح باباً أوسع من اليمن، حيث يمس أثره صلاحيات الرئيس، فتحد منها في التعاون العسكري مع حلفاء الولايات المتحدة.

موضوع جدلي قديم يحاول بعض أعضاء الكونغرس إحياءه مستخدمين حرب اليمن مدخلاً لاعتماده لتقوية دور المجلس التشريعي، الكونغرس، على حساب صلاحيات البيت الأبيض، أي الرئيس. في الحقيقة حرب اليمن هي أقل الحروب التي تهم الولايات المتحدة، ومع هذا مشاركتها فيها محدودة جداً، مقارنة بدورها في سوريا والعراق وغيرها..

حيث يوجد لها هناك نحو تسعة آلاف جندي ومستشار يديرون الحرب على الأرض وتشارك قواتها الجوية في القتال مباشرة أيضاً. في اليمن، للأميركيين مصالح من بينها إنهاء القتال وإعادة الشرعية وذلك من أجل القضاء على تنظيم القاعدة ووقف التدخل الإيراني من خلال وكيلها الحوثي.

إنما حجم المشاركة العسكرية لواشنطن مع الرياض، والتحالف الذي تقوده في حرب اليمن، لا يتجاوز ثلاثة مجالات، التشارك في المعلومات الاستخباراتية، وتقديم الدعم اللوجستي، وتزويد الطائرات بالوقود في الجو. والأخيرة هي محل الخلاف، حيث يدّعي مقدمو المشروع بأن تزويد الطائرات المقاتلة في الجو يماثل إرسال قوات على الأرض وبالتالي لابد من موافقة الكونغرس عليه.

وبغض النظر عن دوافع مقدمي القانون وطالبي تحجيم التعاون العسكري الأميركي في اليمن فإن المؤسسات الأميركية الكبرى المعنية، مثل البنتاغون، تعتبر حرب التحالف في اليمن مهمة للولايات المتحدة أيضاً، وتؤيد تقديم الدعم في المجالات الثلاثة.

وهناك أعضاء في الكونغرس يعتبرون أن محاولة سلب الرئيس صلاحياته، والتضييق عليه في التعاون مع التحالف في اليمن، ستؤثران على مصالح وأمن الولايات المتحدة بشكل عام. السيناتور بوب كوركر، وهو جمهوري، قال إن ما يقدم للسعودية هو مماثل لما تقدمه بلاده لأصدقائها في أنحاء العالم ورفض اعتبار تقديم هذه الخدمات للسعودية «انخراطاً في أعمال عدائية يستدعي استخدام قانون سلطات الحرب»، محذراً من أن هذا التفسير سيقود إلى منزلق.

لهذا فإن لقاءات ولي العهد السعودي بالرئيس الأميركي وقيادات الكونغرس المزمعة ستدور على قضايا أساسية للطرفين، ومن بينها اليمن. ومعظم الذين ينظرون إلى الحرب في اليمن من جانبها الإنساني يغفلون عن أسبابها. وقف الحرب لن يحل المشكلة لأن القتال سيستمر بين القوى المحلية نفسها، ووقف الحرب أيضاً لن يُؤْمِن الأغذية والأدوية ويعيد الحياة المدنية لأنه لا توجد حكومة فعالة.

وقف الحرب بدون حسم سياسي أو عسكري سيزيد من المأساة الإنسانية هناك. لهذا المأمول أن يصبح العزم في الإصرار على إنهاء التمرد والتسريع بعودة الحكومة وتفعيلها وإكمال الخطوات المتفق عليها دولياً، والتي أفسدها الانقلابيون، من إقامة نظام يحتكم إلى دستور وانتخابات برلمانية.

أما اليمن كمصدر لتهديد العالم من خلال الفوضى فهو صحيح وقد سبق أن خرجت منه محاولات إرهابية ضد الولايات المتحدة نفسها وغيرها. بدون حكومة مركزية قوية سيكون الوضع ملائماً للإرهابيين وغيرهم.

 

Email