وعادت تُسمى فلسطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

صورة لطائرة الخطوط الجوية الفلسطينية في مطار اللد عام 1934، وصورة لتأشيرة دخول «فيزا» صادرة من القنصلية البريطانية في القدس بتاريخ 28/‏‏8/‏‏1940 نصها: نبلغكم أننا مخولون بمنحك تأشيرة فيزا لدخول فلسطين- صالحة لغاية 5 أكتوبر 1940، وصورة لأحد مناهل الصرف الصحي لمدينة حيفا عام 1930 ومكتوب عليه الحكومة الفلسطينية. وخارطة نشرتها مجلة ناشيونال جيوغرافيك عام 1947 مكتوب عليها فلسطين ولا ذكر لـ»إسرائيل».. أين اختفت فلسطين إذاً؟!

فكرة إنشاء إسرائيل ولدت في لندن، حيث وقّع بلفور الوعد بإقامتها وطناً قومياً لليهود. وترعرعت «الدولة» في حضن الغرب، ورضعت من ضرع البقرة الأميركية التي حلبتها، ولم تزل، فسمنت من لحم دافع الضرائب الأميركي حتى تضخمت وتكرشت وامتد ذراعاها إلى أبعد من فلسطين، فلم تعد تستطع حماية ما تحاول ابتلاعه في بطنها، ألا وهو الإنسان الفلسطيني، ولا التخلص من الخوف الأزلي المتجذر في عقل اللص.

فرغم قيام ترامب بـ«إهدائها» القدس عاصمة أبدية! ورغم ترسانتها النووية والدعم الغربي وبخاصة الأميركي لها، إلا أن «إسرائيل» لم تستطع إثبات أن فلسطين ليست فلسطين.

وكما قال محمود درويش: «على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات، كانت تسمى فلسطين. صارتْ تسمى فلسطين»

بعد ثلاث حروب خاضها العرب ومئات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، توسعت «إسرائيل» في أرض فلسطين،لا بل احتلت أراضي من أربع دول عربية. وها هي «تحظى» باعتراف ترامب أن القدس عاصمة أبدية لها!

ماذا نحن فاعلون ؟

نقل المعركة إلى مسقط رأس الفكرة، فكرة «إسرائيل» ذاتها، فنحن نخطئ حين نعتقد أن الرأي العام العالمي هو الأمم المتحدة. إنه الشارع والمواطن الأميركي والبريطاني والفرنسي والألماني والإيطالي وغيره، فهؤلاء انطلت عليهم الأكاذيب الصهيونية التي صورت اليهودي المقيم في إسرائيل بأنه الضحية وأن الفلسطيني المحتل الذي سلبت بيته وزيتونه وقتلت ابنه وطردته وهجّرته، هو الجلاد.

لقد فعلت الانتفاضة الفلسطينية المدنية ما لم تفعله الحروب العربية، وأحدثت تحولاً جذرياً في رؤية العالم لجوهر القضية الفلسطينية وحقيقة الصراع في المنطقة. وهذا ما تقوم به الآن حركة «BDS» وهي الأحرف الأولى من كلمات «مقاطعة، سحب استثمارات، وعقوبات» باللغة الانجليزية والتي انطلقت 9 يوليو 2005، إذ وجهت المئات من منظمات المجتمع المدني الفلسطيني نداء إلى أفراد ومنظمات العالم بمقاطعة «إسرائيل» وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.

يقول محمود نواجعة، منسق عام حركة المقاطعة: إن الحركة تدعو إلى نزع الشرعية عن نظام الفصل العنصري القائم ضد أبناء الشعب الفلسطيني وإنهاء هذا النظام، وبالتالي هي تسعى إلى إنهاء الاحتلال والفصل العنصري وتحقيق حق العودة للاجئين.

ويضيف في حديث لـصحيفة الأيام الفلسطينية، تعقيباً على الحملة الواسعة التي تقودها الحكومة والمعارضة الإسرائيلية ضد المقاطعة: أهدافنا واضحة ومعلنة ونعمل في إطار القانون الدولي وما دون ذلك هو كذب وافتراء وتحريض ضد حركة المقاطعة. إن الحركة لا تتبنى الحلول بمعنى أنها لا تتبنى حل دولة واحدة أو دولتين، وإنما هي حركة قائمة على الحقوق، والشعب الفلسطيني هو من يقرر مصيره سواء دولة أو دولتين، فحركة المقاطعة هي تحالف ضخم جداً متعدد الآراء، ولكنه يجمع الحقوق وهو أساس عملها.

تستلهم (BDS) ذات الاستراتيجية التي استخدمها السود في جنوب أفريقيا إنهاء نظام الفصل العنصري، بحيث تصبح دولة الاحتلال منبوذة من كل العالم .

لقد آذت حركة المقاطعة إسرائيل أيما إيذاء، وأفقدتها عقوداً بالمليارات حيث ألغت شركات عالمية عدة عقوداً معها. وقد عقد الكنيست الإسرائيلي جلسة خاصة لبحث سبل الرد على حركة المقاطعة، حيث تحدث مسؤولون من الحكومة الإسرائيلية ومن الأحزاب اليهودية المعارضة ضد المقاطعة ووجوب محاربتها.

خوف الكنيست الأكبر هو من الولايات المتحدة؛ كونها حليفاً استراتيجياً لهم، ولكن يمكن أن تكون الولايات المتحدة كونها حكومة حليفاً استراتيجياً لهم ولكن ليس الشعب، فأضخم تحالف لحركة المقاطعة هو في الولايات المتحدة الأميركية، فهي حركة حقوق إنسان، وبالتالي فإن مثل هذه القرارات الإسرائيلية تعكس عدم ديمقراطية دولة الاحتلال؛ لأن منع حركة المقاطعة يعني منع حرية الرأي والتعبير، وبالتالي فإن مثل هذا القرار ينعكس بشكل واضح ويوضح أن هذه الدولة غير ديمقراطية.

شاهدت الغضب العربي ضد قرار ترامب الأخير، وهو الغضب الذي يحتاج إلى تأطير ومأسسة يُبنى عليها، لكن الأهم كانت مشاهد التظاهرات في الشوارع و الجامعات الأميركية، فهل نوضح للأميركيين أنها كانت تسمى فلسطين.. صارتْ تسمى فلسطين ؟!

* كاتب أردني

Email