أقول لكم

«خضر خان» وأحلام ترامب

ت + ت - الحجم الطبيعي

وقف الرجل الطاعن في السن متحدثاً، ووقفت زوجته بجنبه وهي تحدق في عينيه، بملابسها الدالة عليها، إنها امرأة شرقية تنتمي إلى القارة الهندية، والرجل بملامحه ولكنته يعرف عن نفسه، والمكان كان تلك القاعة الرياضية العملاقة في مدينة فيلادلفيا، والمناسبة تجمع الحزب الديمقراطي الأميركي لاختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية.

هو «خضر خان» المواطن الأميركي المسلم، والد «همايون» الجندي الأميركي الذي ضحى بحياته لينقذ زملاءه عندما تعرضوا للخطر، وهو فخور بما قدم الابن، ولكنه ليس فخوراً بما يدعو إليه «دونالد ترامب» مرشح الحزب الجمهوري.

هكذا قال الرجل وهو يشرح أسباب تحدثه أمام الآلاف، ومن خلفهم الملايين الذين يشاهدون البث الحي للحدث، ولقد كرم ابنه على بطولته وهو راضٍ بمصابه، وزوجته كذلك، ولكن «ترامب»، كما قال، شكك في ولاء المهاجرين، وطالب بترحيلهم، وإغلاق الحدود في وجه القادمين الجدد، وعلى رأس هؤلاء يأتي المسلمون، فخرجت الكلمات من قلب «خضر خان» كالسهام، فإذا بكل من كان في ذلك المكان يقف على رجليه مصفقاً، والدموع تنهمر من عيون غالبيتهم، خاصة عندما خاطب «ترامب» متسائلاً: إن كان قد قرأ دستور الولايات المتحدة الأميركية، البلاد التي يريد أن يكون رئيساً لها، مضيفاً «أما أنا فقد قرأته» ومد يده إلى جيب سترته ليخرج نسخة قائلاً: «هذه نسختي أحملها معي، وأعرف جيداً حقوقـي التــي يكفلهــا لــي».

كان ذلك الرجل البسيط فيلسوفاً حكيماً يختصر أزمة أميركا والعالم إذا أصبح «ترامب» رئيساً، لم تخنه الكلمات، ولم يعجز عن التعبير، واستطاع أن يوصل رسالة هامة إلى الشعب الأميركي، بينما عجز «ترامب» عن الرد عندما سئل عن «خضر خان» وما جاء في كلمته، لم يجب عن السؤال، واحمر وجهه خجلاً، وتلعثم وهو المفوه، فأحسست أن «خضر خان» دق أول مسمار في نعش أحلام «ترامـب» نحــو الرئاســة.

 

Email