الفرق بين الديمقراطي والاشتراكي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو الأمر كما لو أنه قد حدث بالأمس القريب، فقط، حينما لم تتمكن كل من هيلاري كلينتون، ورئيسة اللجنة الوطنية الديمقراطية ديبي واسرمان شولتز من شرح الفرق بين الديمقراطي والاشتراكي، لتعمدا لزم شفتيهما والهمهمة، مع الحملقة بأعينهما اللتين اغرورقتا بالدموع، تماماً كالطيور التي يعتريها الذهول في بعض أفلام الكرتون. لم يكن الأمر كما لو أنهما لم تعرفا الإجابة، بل تعلمانها جيداً، لكنهما لم تتحليا بالشجاعة للقول إن ليس هنالك فرق.

«ما الفرق الذي يمكن أن يشكله كل من الديمقراطيين والاشتراكيين في هذه المرحلة؟».

لذلك تكتمت كل من هيلاري كلينتون وديبي شولتز، وانتظرتا اندفاع الصحافة الأميركية سريعاً، لإبعاد الأنظار عن المؤسسة الديمقراطية والتركيز على أمر أقرب للمنال، ألا وهو ثورة دونالد ترامب والجمهوريين.

غير أن الحرب أتت على الديمقراطيين بأي حال من الأحوال، وأصبح لا مفر منها بالنظر إلى قيادة بيرني ساندرز لركب التمرد انطلاقاً من أقصى اليسار، على غرار ما يفعل دونالد ترامب من أقصى جناح اليمين القومي. ولقد جعل بيرني ساندرز، بصوته المميز، وجاذبيته التي استقاها من مكان ولادته بروكلين، كل من كلينتون وديبي شولتز تبدوان سخيفتين، ولا يمكن للأشخاص في منصبهما أن يظهروا بتلك السذاجة.

بما أن فصل الصيف قد بدأ، أين نحن اليوم؟ يرفض بيرني ساندرز الاستسلام على الرغم من إخراجه من سباق الرئاسة. فقبل أشهر مضت، نادوا بحكمته وأخلاقه، في حين يعكفون، حالياً، على تمزيقه إرباً، على نحو يائس، لإبقاء قبضة هيلاري كلينتون على الحزب.

كل ما يجب على ساندرز فعله هو طأطأة رأسه والدفع بناخبيه نحوها، ليكون حكيماً ووقوراً في أعين تابعي كلينتون من الإعلاميين، بيد أنه لن يستسلم.

لماذا يتعين على ناخبي ساندرز العودة؟ أفترض أن لجان العمل السياسي الخاصة بهيلاري ستأتي بقوائم، وتقرع طبل ترامب. ولكن ليحدث ذلك الأمر في الانتخابات الأميركية الحالية، نحن بحاجة لمرشح يلهم لشيء أكثر من مجرد الخوف والأسى في الانتخابات المقبلة بعد أربع سنوات.

اندفع الناس لتأييد بيرني ساندرز حتى مع خطته الاقتصادية الغريبة المسماة بـ «بيغ روك كاندي ماونتن». في حين استندت كلينتون إلى اليسار السياسي، أيضاً، ولكن بفعلها ذلك، تبدو كإحدى عجائز الضواحي العصبيات، التي تجلس في المقعد الخلفي للسيارة خلال رحلة عائلية، وتجبر الأطفال على ترديد أغاني بيت سيغر.

لقد حدث الأمر نفسه للمحافظين وآخرين عند انشقاقهم عن الحزب الجمهوري عقب سنوات من الخيانة. ليعودوا مجدداً، ويتعرضوا للخيانة مرة أخرى، وحينما لم يتمكن كبار المحافظين من إعادة إيمانهم بالنظام الجمهوري الآيل للانهيار، ولد دونالد ترامب.

يعتقد كثيرون بأن الليبراليين يعانون من خيبة آمال مماثلة. ويرى المأجورون السياسيون في ذلك وجبة دسمة، غير أن التقدميين الممعنين في التفكير، لا يمكنهم إنكار هيلاري كلينتون ومصالحها الخاصة، ولا عمادة وول ستريت، أو العارفين ببواطن الأمور ممن تتناول رسالتهم أولئك الموجودين في الخارج، زد على ذلك مؤسسة كلينتون ذات المليارات المتعددة.

المركز بدأ ينهار لأنه ليس هناك اتجاه. لقد بدأت عملية إعادة الإصلاح، ولا نعي كيف ستنتهي.

يخضع حاكم ولاية فرجينيا تيري ماك أوليف لتحقيقات فيدرالية مكثفة بشأن تمويل حملة انتخابية، عبر اتصالات مع مؤسسة كلينتون. بيد أنه صرح للمراسلين بأن التحقيق ليس له «علاقة بمؤسسة كلينتون». وبالتأكيد الأمر كذلك يا تيري.

ومن الناحية التكتيكية، يقف ساندرز ضد المؤسسة، التي هي غالباً إعلان عن الحرب. ولقد أيد تيم كانوفا في الانتخابات التمهيدية بولاية فلوريدا خلال شهر أغسطس الماضي، للحصول على مقعد واسرمان شولتز في مجلس النواب.

وبالنسبة إلى ساندرز فإن وضع نهاية لليبراليين، والذهاب ضد ديبي واسرمان شولتز، هي أمور ذكية وضرورية في حال أراد المحافظة على موقفه من خلال تلك الحركة.

لقد كان يتعين إيضاح الأمر الموجود في صميم نداء ساندرز قبل أشهر ماضية، حينما خشيت كل من ديبي واسرمان شولتز وهيلاري كلينتون تفسير الفرق بين الاشتراكي والديمقراطي.

 

Email