انتكاسات الحزب الجمهوري

ت + ت - الحجم الطبيعي

عكست انتخابات الرئاسة الأميركية 2016 مدى أزمة الحزب الجمهوري، حيث الصراع بين مرشحيه كان أقسى وأشد بكثير من صراعهما مع مرشحي الحزب الديمقراطي المنافس، وقد شاهدنا كيف اتفقا المرشحان الجمهوريان تيد كروز وجون كاسيتش على تنحية خلافاتهما جانباً من أجل وقف المرشح دونالد ترامب من الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

وقالت حملة كروز إن »فوز دونالد ترامب بتذكرة الحزب الجمهوري لمرشح رئاسة أميركا سوف يكون كارثة مؤكدة بالنسبة للجمهوريين« مضيفاً، »ترشيح ترامب سوف يمثل تراجعاً للحزب«.

وصرخ ترامب في توقف للحملة الانتخابية في رود آيلاند قائلاً: »إذا كنت تتواطأ في مجال المشاريع التجارية أو في سوق الأسهم فإنهم يضعونك في السجن«، وأضاف: »ولكن في السياسة لأنها نظام مزور ولأنها نظام فاسد فالتآمر أمر مسموح به«.

هذا ليس تواطؤاً، ولم يتم في الخفاء، ولكن من الواضح أن تحالف كروز كاسيتش لا يتعلق بهزيمة ترامب في الانتخابات، ولكن بوقفه في المؤتمر الوطني، حيث سيؤدي العارفون بدخيلة الأمور المطلوب منهم بعيداً عن الكاميرا.

وإذا اعتبرنا كروز توأماً لكاسيتش فلا يمكن الإشارة إليه على أنه مصلح جمهوري جريء. وكل ما يفعله تحالف كروز و كاسيتش هو جعل ترامب يظهر بمظهر أقوى.

والحطام القابع في أسفل الوادي هو الحزب الجمهوري. الهياكل الصدئة من مدينة ديترويت هي ماكينات كان لها وقعها يوماً ما، والعارضات الفاتنات كن يمررن أظفارهن الطويلة على زجاج مثل هذه السيارات في الإعلانات التجارية التلفزيونية القديمة، التي تنتجها شركة »ماد من«.

إذاً ما هي مخرجات عام 2016؟ حزب جديد، ربما غير معترف به من قبل المؤسسة الجمهورية، وهذا ما يخيفهم. أما فوز ترامب في الترشيح وهزيمة هيلاري كلينتون في نوفمبر المقبل أو فشله وخسارته أمام كلينتون، فهي مسألة تتعلق بالمدى القصير.

ويشتمل المدى الطويل على إعادة ترتيب السياسة الوطنية الأميركية بالكامل. الجمهوريون اليوم في حالة ذعر كامل، ولاحقاً سيكون للديمقراطيين دورهم.

وبينما يتشتت التركيز الوطني بفعل سياسة تعريف النوع والحمامات العامة، أصبح الديمقراطيون حزب المؤسسة. هيلاري كلينتون، المرشحة الرئيسة عن الحزب الديمقراطي، هي تجسيد للمؤسسة، بالنظر إلى خطاباتها في وول ستريت وعلاقاتها وأصدقائها وقدرات »مؤسسة كلينتون«.

والآن حتى رجل المال تشارلز كوخ يقول إنه قد يكون قادراً على دعم »مؤسسة الملكة« الجديدة. وهذا ما يعتبر جذاباً جداً بشأن الحملة. الجمهوريون يتجهون إلى ما بعد المؤسسة الجمهورية، ولا تزال المؤسسة الديمقراطية تنتظر وضع خطواتها على الأرض. لا نرى استمرارية التاريخ هنا، بل نهاية وبداية إعادة الإصلاح.

إذاً من الذي عجل بوتيرة الدفع بالجمهوريين إلى الهاوية؟ ترامب؟ لا. وبالمثل لم يقدم على ذلك الملايين من الناخبين الجدد لترامب، مدفوعين بغضب اقتصادي مشروع وخطر جداً، غالباً ما تواجهه بالسخرية النخبة الليبرالية، التي تحاول إشعارهم بالخجل.

إنكم تعرفون العمال الذين أتحدث عنهم، الذين شكلوا في يوم من الأيام العمود الفقري للحزب الديمقراطي، وقاتلوا في الحروب، وخسروا وظائفهم عندما أغلقت مصانعهم.

وقبل سنوات فقط، استبعد هؤلاء الأشخاص كونهم يضعون أيديهم على الزناد فوراً، ويقبضون على دينهم في زمن التغيرات. من قال ذلك مجدداً؟ الرئيس باراك أوباما قاله قبل سنوات في سان فرانسيسكو، عندما كان يجمع التبرعات من الأغنياء الليبراليين، ومنذ ذلك الحين أصبح موقف النخب أقوى.

أصحاب الياقات الزرقاء في أميركا كانوا ديمقراطيين يوماً ما، وطالما كان الأفراد يطيعون رؤساءهم كان هؤلاء صبورين. وكانوا يدعمون السياسة، ومن ثم ناشدهم الرئيس بيل كلينتون للفوز بالبيت الأبيض، قبل تركهم للتعامل مع الصفقات التجارية مع المكسيك.

الآن وبالنظر إلى أن الإحباط الاقتصادي بات يدفعهم نحو ترامب تتواصل السخرية منهم. إلا أن ترامب لم يدفع بهذا الأمر بعيداً عن الهاوية. ولن تعطي المؤسسة الجمهورية المحافظين مفاتيح السيارة الجميلة. المحافظون يستخدمون الدستور كونه خريطة طريق، ولا يمكن للمؤسسة الالتزام بذلك.

هذا يفسر السبب الذي يظهر ترامب لأجله كثيراً على شاشة التلفزيون في بداية الحملة. الاقتصادي القومي ليس محافظاً، لكنه كان مسلياً، وكان يعتمد في الأساس على شبكة فوكس نيوز، وكبر معها، وأصبح قوياً مثل راند بول، الذي تجرأ على الحديث عن تقليل ميزانية الدفاع العسكري، وعدم القتال في حروب الشرق الأوسط.

Email