هيلاري كلينتون ومتصيدو الإعلام الاجتماعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يجب أن تكون هيلاري كلينتون ممتنة لأنها بدأت وظيفتها كشخص منطقي في أميركا، منذ أمد طويل، قبل انطلاق الإعلام الاجتماعي، حيث إنها عندما بدأت بالتنصل من أكاذيبها الكبيرة، لم يكن هنالك «فيسبوك» أو «تويتر»، ولم يكن هنالك حشد من المتصيدين على شبكة الإنترنت لمواجهة أعدائها، ولا ضياع لرسائل البريد الإلكترونية من وزارة خارجية باراك أوباما.

تلك كانت هيلاري كلينتون السابقة، قبل النسخة الإلكترونية منها. وقتها، كل ما كان عليها القيام به هو الغمر، والتحدث بلهجتها الجنوبية السيئة، مع إبراز عينيها، بشكل أكبر، على شاشة التلفاز. لقد كانت هيلاري كلينتون المدهشة، التي لم يكن بإمكانها اتخاذ قرار بشأن طرق واشنطن الملتوية، تلقي باللوم بالنسبة إلى جميع مشكلاتها، ومشكلات بيل كلينتون، على عاتق الجمهوريين.

استطاعت هيلاري كلينتون جني 100 ألف دولار أميركي في أولى صفقاتها لبيع الماشية، عقب استثمار مبلغ ألف دولار وحسب. ولاحقا في البيت الأبيض، تمكنت بأعجوبة من الدخول إلى ملفات مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاصة بمئات من أعدائها السياسيين. وقبل أن يصبح الإعلام الاجتماعي على ما هو عليه اليوم، كانت تلقي بجل مشكلاتها على المؤامرة اليمينية، التي استغلت ما قالته كلينتون يوماً عن السلاحف، إلى أبعد حد.

قالت هيلاري كلينتون الجنوبية عام 1998، في برنامج «صباح الخير أميركا»: «تعلم أنك قد تجد سلحفاة ما عند سياج، وتعلم أنه من غير الممكن وصولها هناك عن طريق الصدفة».

لقد كان صوت هيلاري يزخم بالبازلاء والباميا، وكانت عيناها تتسعان بحيث كان بإمكان المشاهدين رؤية السلاحف تتأرجح في ذهنها. وأضافت «أنظر إلى المشهد هنا، وأرى سلاحف كثيرة تجلس على السياج، وأعتقد أننا بحاجة لمعرفة كيفية وصول تلك السلاحف المتقدمة في السن إلى هنا».

لو كان موقعا «تويتر» أو «فيسبوك» موجودان حينها، لكانت وظيفة هيلاري كلينتون قد انتهت، ودفنت في رقعة مشبوهة في السفوح، مخصصة للكذابين بالفطرة، بدلا من أن تصل إلى البيت الأبيض وتحوز بين يديها على جميع السلطات، بالغة الامتياز.

بالتأكيد هي لن تكون في الجوار، حالياً، للاستفادة من «لجان العمل السياسي المتفوقة»، المؤيدة لها، باستخدامها حشداً من المتصيدين على شبكة الإنترنت لمضايقة الممثل تيم روبنز، ومؤيدين آخرين للمرشح الرئاسي بيرني ساندرز.

لقد كان الأول في حرب مع «لجان العمل السياسي المتفوقة» المؤيدة لكلينتون، التي أنفقت مليون دولار أميركي لتطوير وسائل لمواجهة وإخزاء ناقدي كلينتون على وسائل الإعلام الاجتماعية، من أمثال روبنز.

لو كانت منصات كل من «تويتر» و«فيسبوك»، وغيرها من منصات وسائل الإعلام الاجتماعية فعالة عند بدء هيلاري حديثها عن السلاحف، فإنها لم تكن لتكون موجودة للتنافس مع المبتذل دونالد ترامب في ساحات ولايات أوهايو، فلوريدا أو بنسلفانيا، وذلك بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة.

ولم يكن ليعير الناخبون انتباههم لأكثر أخبار هيلاري كلينتون غرابة، وهو «فقدان» وزارة خارجية أوباما كل الرسائل الإلكترونية الخاصة ببرايان باغليانو، وهو تقني المعلومات الذي كان يعمل لديها عندما كانت وزيرة للخارجية. لكن لم تتمكن وزارة الخارجية من العثور على الرسائل الإلكترونية؟ هل أكلها الكلب؟

باغليانو يعتبر زميل هيلاري الذي منح حصانة من المقاضاة، في حين يواصل مكتب التحقيقات الفيدرالي مساءلة استخدام كلينتون لخادم بريد إلكتروني خاص موجود في قبوها. إذ أتاح حساب البريد الإلكتروني الخاص في الحفاظ على حصيلة عملها بمنأى عن التدقيق العام، وسمح لها بإرسال وثائق مخصصة وسرية للغاية، يمكن أن تكون قد تعرضت لاختراق أجهزة المخابرات الأجنبية.

يأتي ذلك وحده كسبب يوجب حرمانها من التنافس على الرئاسة، فضلاً عن أن يكون براين ساندرز، بموجب الحق، مرشح الحزب الديمقراطي.

يتمثل الأمر المدهش بإخفاق إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تدعم إعادة هيلاري كلينتون، في العثور على أي من الرسائل الإلكترونية الخاصة بباغليانو، من عام 2009 حتى عام 2013، وذلك استجابة لدعوى قضائية جمهورية.

يكمن الشيء الأساسي الذي يجب تذكره في أنه لو كان كل من «تويتر» و«فيسبوك»، وبقية المواقع الاجتماعية موجودة عندما بدأت هيلاري كلينتون حياتها العامة كشخص منطقي وبطلة للسلاحف، فإنها ستكون بعيدة عن أضواء الكاميرات حاليا، ناهيك عن خروجها من حياتنا.

ربما كانت ستختفي وتعيش وحدها في بيت صغير في الغابات، وهو نوع البيوت الذي يرتكز على أقدام الدجاج كما في قصص الخيال الروسية. بيتٌ يتحرك بأقدام الدجاجات في غابات الشتاء خلال الليل، بحيث لا يتمكن أحد من العثور على مخبئها السري. وكانت هيلاري لتقول؛ استدر قليلا أيها البيت الصغير، استدر قليلا، ومن ثم تختفي.

 

Email