هيلاري كلينتون مرشحة المؤسسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لن تنتخب هيلاري كلينتون رئيسة للولايات المتحدة. لماذا؟ لأنها لا يمكن أن تفوز، هذا هو السبب. وكلما أدركت الأمر في وقت أقرب كلما هدأت. تريد أن تفوز بشكل يائس، لقد تحملت عقوداً طويلة مؤلمة من زوجها بيل كلينتون وسنوات من الرئيس بارك أوباما. وتحملت كل الإهانات والخطايا وابتلعتها كثمن لطموحها. وهذا كله يبدو في شحوب عينيها. ولكنني لا أتصور أن تفوز هيلاري في هذه الانتخابات لأنها المرشح الوحيد للمؤسسة في عام اضطراب.

الديمقراطي الاشتراكي بيرني ساندرز ليس مخلوقاً مؤسسياً من الحزب الجمهوري، وعلى الجانب الجمهوري فإن القومي الاقتصادي والممول لذاته دونالد ترامب والمحافظ تيد كروز بالتأكيد ليسا منتميين إلى المؤسسة، وهما قد كانا في حرب مع حزبهما، وتحتاج مؤسسة الحزب الجمهوري كروز الآن ولكنهم لا يحبونه.

وهم غاضبون من ترامب لأنه لا يقبل أموالهم، على الرغم من أنه خلال النقاش الجمهوري الأخير أقدم على شيء ذكي، قال إنه قد يكون منفتحاً على جمع التبرعات في حال كان هو المرشح الجمهوري، وهو ما يفتح المجال أمام رجال المال هؤلاء.

هذا الأمر كان غائباً في الإعلام في كل خطابات ترامب ذات اللهجة الجديدة. إلا أن المطلعين لاحظوا ذلك بالتأكيد، وكل ما أرادوه هو الدخول، ومن خلال التلويح بأنه قد يسمح بذلك عقب مؤتمر الحزب الجمهوري فإن ترامب قصد إغرائهم.

وهذا يترك هيلاري كلينتون مع عملية جمع التبرعات الضخمة، ووضعية المطلعين داخل الحزب الديمقراطي، وجلب الخطب في وول ستريت لمزيد من المال، ونفوذ مؤسسة كلينتون، والاتصالات الخارجية والداخلية.

وتعتبر كلينتون التجسيد السياسي للمؤسسة، وهذا يثير متاعب خطيرة بالنسبة لها، لأن الأميركيين في حالة من التمرد، مثقلين بالثغرات في حساباتهم البنكية، وكل الوظائف التي أرسلها بيل كلينتون عبر البحار مع دعمه من «نافتا»، والتصدعات فيما كنا ندعوه يوماً بالثقافة السائدة، وهذه تنتشر عبر الخطوط الطبقية كالنار في مجرى نهر جاف، ولن تتوقف ما لم تحترق النباتات كلها.

وانصب معظم التركيز العام على الجانب الجمهوري، وعلى الغضب هناك، إلا أن تجمع ترامب في شيكاغو أقفل أخيراً، عقب مظاهرات ضد ترامب احتشدت داخل التجمع.

ويستقطب ترامب الأضواء، وقد انطلقت صناعة بكاملها في الإعلام، وهم ينتزعون أيديهم ويحذرون أميركا من أنه في حال انتخب ترامب أو المحافظ تيد كروز رئيساً فإن الجمهورية ستنهار، لكنها لن تنهار. إلا أن الخطاب هستيري جداً. المسرحية مسلية وربما يجب أن تفهموا الأسلوب المتبع. الصراخ في وجه الأعداء له هدفان. الأول هو تحديد العدو، هذا أمر مفهوم. إلا أن الثاني يتضمن اصطياد الأصوات.

وكلما كان بإمكانك إجبار القبيلة على الصراخ بضراوة والإشارة إلى ذلك النمر في ليل الغابة كلما أمكنك إخافتهم مما يحدث، وكلما زاد ارتباط القرويين زاد التفافهم حول نيران المخيم.

الأمر لا يتعلق بتحديد العدو فقط بل باستخدام ثقافة العار حتى في وسائل التواصل الاجتماعي للتأكد من أن القرويين البسطاء لن يضلوا الطريق.

إلا أن الديمقراطيين لديهم عدد أقل من القرويين هذا العام، ونسبة إقبالهم على المشاركة في الانتخابات التمهيدية متدنية. الطاقة كلها إلى جانب الجمهوريين. وأبقى العار الأميركيين عمياناً أمام ضعف كلينتون. لديها مشكلات أخرى. بما فيها الإجماع على استطلاعات الرأي الأولية التي اعتبرت أنها كاذبة. النساء الشابات لا يحببنها كثيراً، ربما لأن حليفات كلينتون من ذوات النزعة النسوية حاولن إجبارهن على الخضوع، واليوم ينظرن إلى هيلاري كلينتون باعتبارها جدة غاضبة. وتبدو كلينتون في الغالب متجهمة الوجه ومتعبة، كما لو أن كل كلمة تنطقها قد اختبرت عن طريق الاستطلاعات وتم تمريرها عبر المحامين الاختصاصيين في القانون الجنائي، وهي لم تفز بعد في الانتخاب الأولى، المهم المتعلق بمكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن فضيحة بريدها الإلكتروني. ولا تزال كلينتون تحتفظ بمعلومات سرية على خادم ايميلات خاص، وقد تكون أسرارها اخترقت من قبل الاستخبارات الأجنبية، الأمر الذي عرض حياة الأميركيين وسياسات أميركا للخطر، وأعطى خبيرها الاختصاصي في تقنية المعلومات ضمانة بشأن الحصانة الاتحادية، وهم يتعاونون الآن في هذا الشأن. مدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي هو صديق مقرب من المدعي العام الأميركي السابق باتريك فيتزجيرالد وهما منحدران من أصل واحد فلا ينبغي أن تندهش عندما انقض على كلينتون.

وطرح على كلينتون في المناظرة الديمقراطية، أخيراً، سؤال بشأن ما إذا كانت ستنسحب في حال إدانتها.

فردت قائلة في غضب: «يا إلهي، هذا لن يحدث، أنا حتى لا أجيب ذلك السؤال».

حتى الديمقراطيين غير المتحمسين بشأن كلينتون قالوا إنها تستحق الترشيح. وإذا كان بالإمكان أن تكون صادقة لدقيقة واحدة، وقد تقول إن مسألة النوع أمر جانبي، تستحقه هي، أيضاً، بسبب كل الوقت الذي كرسته من أجل طموحها.

إلا أن كلينت ايستوود أوضح كل ما تحتاج إلى معرفته عن الرغبة في الموت من أجل جين هاكمان في فيلم الغرب الفائز بالأوسكار «لا يسامح». هاكمان أطلقت النار عليه وسقط أرضاً فقال إنه لا يستحق الموت بتلك الطريقة.

فقال إيستوود له: «الاستحقاق لا علاقة له بهذا الشيء».

وهكذا كان الأمر.

وليس للاستحقاق أي علاقة بسياسة القوة. التوقيت هو كل شيء. ولا أرى أن هيلاري ستفوز، لأنها المرشح الخطأ في الوقت الخطأ.

Email