وصفة أميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

نما الاقتصاد الأميركي بمعدل ضعيف أي أقل من 1% في الربع الأخير من عام 2015. في حين انخفض معدل البطالة لأقل من 5%..

كما حقق معدل المشاركة في سوق العمل الذي يعد بالغ الأهمية، أدنى مستوياته التاريخية بنحو 62.7% فقط. وأكثر من 90 مليوناً من البالغين الأصحاء، إما أنهم حالياً ليسوا ضمن القوى العاملة وإما أنهم قد توقفوا بشكل كلي، عن البحث عن فرص عمل.

وكان متوسط دخل الأسر المعيشية راكداً، غالباً، خلال السنوات الأخيرة مرتبطاً بمعدل التضخم. وقد انخفض متوسط مؤشر «داو جونز الصناعي» بنسبة 2.2% في عام 2015، فضلاً عن استمراريته في الهبوط خلال العام الجاري. فضلاً عن أن معظم سجلات التقاعد للناس تفقد قيمتها المالية.

في ضوء كل المحفزات الاقتصادية التقليدية، لم يكن من المفترض حدوث مثل هذا الركود الاقتصادي، بعد أكثر من سبع سنوات على الأزمة المالية عام 2008.

ومع ذلك، وإلى حد كبير بسبب سياسات النفط، وإحباط القطاع الخاص، والحفر الأفقي لاستخراج النفط، انخفضت أسعار البنزين في أميركا، بالفعل، لمعدل وطني يبلغ أقل من 1.80 دولار، وهو انخفاض كبير مقارنة بمتوسط عام 2014، الذي يقدر سعر الجالون الواحد بنحو 3.34 دولارات، لذا ينبغي أن يقدم ذلك حافزاً اقتصادياً كبيراً.

وبالنظر للاستهلاك السنوي الأميركي للبنزين بنحو 140 مليار جالون، يتمتع المستهلكون الأميركيون بوفورات جماعية غير متوقعة في الوقود، بأكثر من 200 مليار دولار سنوياً، إضافة للتخفيضات التي طالت نفقات التدفئة المنزلية.

لكن إذا كان انخفاض أسعار الطاقة لا يعزز الاقتصاد، فماذا عن إيجاد دفعة تقليدية أخرى، كخفض أسعار الفائدة؟

أسعار الفائدة، بالفعل، عند أدنى مستوياتها شبه القياسية، وقد انخفض متوسط معدل الرهن العقاري لأقل من 4%، ومتوسط الدفتر المصرفي الادخاري لا يسدد عادة أكثر من 1% من الفائدة.

من الناحية التاريخية، يعتبر عام 2016 أحد الأعوام الأقل كلفة في الذاكرة، بالنسبة إلى تمويل منزل أو سيارة أو جهاز رئيسي، أو بعبارة أخرى، لا تلقى حسابات التوفير العادية تقريباً أي اهتمام. بمعنى من المعاني، جرى نقل مئات المليارات من الدولارات التي تدفع عادة للمدخرين، للمقترضين في صورة معدلات فائدة أقل.

وبصرف النظر عن ذلك، بسبب أسعار النفط الأقرب للمنخفضة، لم يحقق المال الإضافي شيئاً يذكر لتحسين الاقتصاد.

وتمثلت الطريقة الأخرى التي سعت الأجيال السابقة لإعادة تنشيط الاقتصاد الراكد بطباعة النقود و/‏‏أو الاقتراض واسع النطاق، والإنفاق في ظل العجز.

وإضافة لما تم فعله، لطالما حاولنا استخدام ذلك الدواء السري القديم أيضاً. فقد ازداد المعروض من النقود، وتجاوز الدين الوطني مبلغ 19 تريليون دولار.

العجز في الميزانية بنحو 430 مليار دولار خلال عام 2015 جاء بسبب الزيادات الضريبية للرئيس باراك أوباما وتخفيضات العزل التي أجراها في الكونغرس، وعلى الرغم من ذلك، تم اعتبار ذلك دليلاً على التبذير في الاقتصاد، على الأقل بالمقارنة مع حقبة يتخطى فيها العجز السنوي الواحد تريليون دولار.

والأمر المثير للقلق بشكل أكبر، في حال بقي العجز لأكثر من 400 مليار دولار سنوياً، حتى بعد الزيادات الضريبية وتخفيضات العزل، حينها كيف سيتم تحقيق التوازن في الميزانية بدلاً من مواصلة رفع الضرائب وخفض الإنفاق إلى حد أبعد؟

للأسف، يجب أن تعود أسعار الفائدة لمعدلاتها التاريخية بنحو 5%، لتزداد الكلفة السنوية لخدمة الدين الوطني لأكثر من الضعف.

وهناك طريقة أخرى ممكنة لتحريك أميركا مجدداً تتمثل بزيادة إنتاجية الأيدي العاملة، من خلال الإدارة بشكل أفضل، أو التكنولوجيا الجديدة.

باختصار، هناك خطب أساسي أصاب الاقتصاد الأميركي، جميع وسائل التكنولوجيا الحديثة والابتكارات، وأسعار الفائدة الأقرب للصفر، والأموال الجديدة المطبوعة، وعدد الشباب القياسي من خريجي الكليات، والاقتراض الحكومي الهائل، والطاقة الرخيصة، جميعها لم تسهم في جلب الملايين للقوى العاملة، أو في زيادة دخل الأسر السنوي، والقوة الشرائية.

ربما حان الوقت لتجربة شيء مختلف جذرياً، أو بالأحرى شيء تقليدي، كموازنة الميزانية من خلال التخفيض الإضافي، وذلك بشكل أكبر من فرض ضرائب إضافية، وفقاً للنظرية القائلة إن الأفراد أكثر خضوعاً للمساءلة، وأكثر كفاءة من البيروقراطيات الحكومية.

يعد نظام الضرائب معقداً للغاية، وبيزنطياً، حيث لا يستطيع معظم الأميركيين ملء استماراتهم، وفوق ذلك تضييع ساعات من وقتهم، والغش، وفي النهاية عدم التقديم على الإطلاق، أو بحثهم عن خصومات، وديون غير قابلة للتحصيل، وهي أمور تؤخر، غالباً، النمو الاقتصادي. ستعمل لوائح التخفيض على تشجيع الشركات على الاستثمار والتوسع.

ولا يسهم نمو الحكومة والإجراءات الروتينية في خنق الإبداع وحسب، وإنما يشجع على إساءة الاستخدام المكلف، على الأقل إذا حملت سلسلة فضائح الأجهزة الحكومية الحالية أي إشارة على ذلك.

بشكل مختصر، يجري تنشيط أميركا بإسراف من خلال الوقود الرخيص، ومعدلات الفائدة الأقرب للصفر، وعمليات الاقتراض الهائلة، والنقود الرخيصة، ومع ذلك يتحجر اقتصادها.

لقد آن الأوان لتجربة شيء مختلف بصورة أساسية، أو بالأحرى، شيء قديم ومجرب.

 

Email