«الدوايمة».. القرية المذبحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو كان موشي ديان وأفراد الكتيبة 89 من عصابة ليحي التي كان يتزعمها أحياء الآن لما صدقوا أن حفيدة أحد ضحايا المذبحة التي ارتكبوها في قرية «الدوايمة» قد فازت بالمرتبة الأولى في مسابقة برنامج غنائي عربي شهير.

ولربما أخذتهم الدهشة والرعب لأن الحناجر التي ذبحوها لحوالي ألف مواطن من القرية الفلسطينية القريبة من الخليل أثمرت حنجرة تحاكي حنجرة أم كلثوم. أما ما يخيفهم أكثر فإن الفلسطينيين الذين حاول الصهاينة إقناع العالم أنهم لم يكونوا في «أرض إسرائيل» ..

كما يحلو لهم أن يسموا فلسطين، فإن الواقع يثبت أنهم ليسوا فقط موجودين بل يقاومون و يزرعون ويصنعون ويتاجرون ويغنون أيضاً. نداء شرارة ابنة الدوايمة بعد محمد عساف ابن غزة شاهدان على أن الشعب الفلسطيني يحمل كل مقومات الحياة بالرغم من النكبة والنكسة واحتلال أرض فلسطين على مرحلتين 1948 و 1967، وبالرغم أيضا من أن العالم كله تواطأ مع مجرمي الحرب الإسرائيليين وعصاباتهم.

ولمذبحة قرية الدوايمة وهي واحدة من عشرات المذابح التي ارتكبتها عصابات أبرزها الهاغناة وشتيرن العام 1948 وغداة إعلان ما سمي «دولة إسرائيل» واعتراف العالم بها ومحو اسم فلسطين من الخارطة السياسية، لها قصة: ففي 29/‏ 10/‏ 1948،..

وبينما كان أهالي قرية «الدوايمة» في أسواقهم أو في منازلهم على عادتهم في مثل هذا اليوم (الجمعة) من كل أسبوع، قام جنود عصابات «شتيرن» و«أرجون» بحصار القرية واقتحمها آخرون، وقاموا بارتكاب مجموعة من الممارسات التي تصنف قانوناً «جرائم حرب» أو «جرائم ضد الإنسانية» طبقاً للميثاق الدولي لحقوق الإنسان واتفاقيات «جنيف».

قتل الشيوخ والأطفال والإناث، قتل الكثير من ذكور القرية في سن القتال دونما ضرورة عسكرية ما، فيما لم يكن هناك في القرية قوة تدافع عنها أو مكامن نشاط مقاومة أو مخازن سلاح يخشى منها.

وقد أعقب المجزرة عملية نزوح كثيفة للسكان من المنطقة خوفاً على حياتهم. وبعد أن احتلت البلدة جمعت العصابات ما بين 80-100 من النساء والأطفال وقام الصهاينة بتحطيم رؤوس الأطفال بالعصي حتى أنه لم يبق بيت في البلدة إلا وفيه قتيل، كما تم احتجاز النساء وكبار السن من الرجال داخل البيوت وهدموا كثيراً من البيوت على رأس ساكنيها.

وبعد تسرب أنباء عن المذبحة، وهجوم الصهاينة على بعض الكهوف التي التجأ إليها السكان حيث قاموا بتوقيف ما يقرب من 500 عربي فلسطيني في صف واحد وقتلوهم بنيران الرشاشات. وبعد أن انتشرت أخبار المذبحة تم إجراء تحقيق صوري مع أفراد الكتيبة التي هاجمت البلدة، وجاء في التقرير بأن سكان القرية قاموا بمهاجمة مستوطنات يهودية قريبة.

وجاء في شهادات موثوقة عن المجزرة على لسان عدد من العسكريين والساسة اليهود في إسرائيل ظهرت في السنوات التالية لمجزرة «الدوايمة» توضح بعض تفاصيل ما جرى في القرية:

وطبقاً لشهود عيان من أهالي القرية ظلوا أحياء بعد الجريمة فإن بعض جنود عصابة «أرجون» الصهيونية أطلقوا النار على طفل يرضع من صدر أمه فـاخترقت الرصاصة رأسه وصدر أمه فقتلتهما والطفل يلثم الثدي وبقايا الحليب تسيل على جانبي فمه.

وكان اللجوء في المسجد لتلافي خطر العصابات الصهيونية ولكن أفراد العصابات الصهيونية لاحقوهم وقتلوهم داخله وقدر عدد الذين استشهدوا فيه «75» شخصاً معظمهم من كبار السن والعجزة ممن لم يستطيعوا الفرار على الأقدام، أما شهادات الإسرائيليين عن المذبحة..

فقد جاءت على لسان من عرفوا بالمؤرخين الجدد الذين استيقظ ضميرهم وكشفوا عن مزيد من المذابح .يقول المؤرخ الإسرائيلي «بني موريس» في كتابه «تصحيح غلطة»:«لقد تمت المجزرة بأوامر من الحكومة الإسرائيلية وفقرات كاملة حذفت من محضر اجتماع لجنة حزب الـ«مابام»عن فظائع ارتكبت في قرية«الدوايمة» وأن الجنود قاموا بذبح المئات من سكان القرية لإجبار البقية على المغادرة».

وفي شهادته حول المجزرة قال «إسرائيل جاليلي» قائد فرع العمليات في الجيش الإسرائيلي وأحد قادة حزب الـ«مابام» الإسرائيلي إنه شاهد مناظر مروعة من قتل الأسرى واغتصاب النساء وغير ذلك من أفعال مشينة وعن الجرائم الصهيونية في فلسطين جاء في شهادات بعض المؤرخين والحاخامات ومن بينها ما قاله «أهارون كوهين» وهو أحد المؤرخين الجدد في إسرائيل:

تم ذبح سكان قرى بأكملها وقطعت أصابع وآذان النساء لانتزاع القطع الذهبية منها. أما الحاخام الصهيوني «يوئيل بن نون» فيقول بهذا الصدد:إن الظلم التاريخي الذي ألحقناه بالفلسطينيين أكثر مما ألحقه العالم بنا.

تلكم هي قصة القرية المذبحة التي خرجت من أحشائها أجيال امتطوا صهوة العلم

وتبوأوا مناصب ومراكز عليا في دول الشتات ومن رحم المذبحة ولدت حياة بكامل مواصفاتها و...ولدت نداء شرارة التي كانت ترتدي الحجاب وهي تغني وتتحدى من يرى في الفلسطينيين مجرد لاجئين وأجملهم...القتلى !!

 

Email