عوير وصوير في برشلونة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أن أفدح مغاوير الإدارة لبعض المؤسسات الخدمية لدينا في خبص الأمور وعفس الدنيا هم وشِلّة الأنس التابعة لهم والتي بقدرة قادر لا تنطبق عليها اشتراطات التوظيف ولا الترقية ولا زيادة الراتب، قرروا أن يشدوا الرحال لبلاد الفرنجة ليثبتوا لمن «يتندّر» بهم وينتقدهم أنهم يستطيعون أن يلعبوا على مستويات أعلى ومع عقول أكبر وتحديات أعظم، لذا خرجت الصحف بنبأ تعاقد نادي برشلونة الإسباني مع سعادة «عوير» و«صوير» ورفاقهما من محترفي المعسّل وخبراء لعب الورق لخلق مستقبل جديد للنادي.

«طحت واقف» كانت أول جملة ردّ بها «عوير» على كلمة رئيس مجلس الإدارة وتوقعاته الكبيرة من الخبراء القادمين من الصحراء، وهذه العبارة تعني أنّك على الخبير سقطت فلا تُشغل بالك بعد اليوم. نظر عوير وصوير ورفاقهما إلى ملفات النادي فإذا هي كثيرة ومرتبة وبها نسخ رقمية وأخرى ورقية وبتفاصيل لا تترك شيئاً للصدفة، «واللقعة» كان تعليق «صوير» لاستغرابه من هذه المبالغة في التنظيم، ثم طلب كالعادة كشوف الدوام للتأكد أن الجميع «يبصم» السابعة والنصف، أما «عوير» فكانت ترنّ في أذنيه عبارة رئيس المجلس بضرورة رفع العوائد المالية وتحقيق بطولات جديدة، التفت للكشف المالي ووجد العائد السنوي للنادي يبلغ 534 مليون دولار سنوياً، حك صلعته قليلاً وهو ينظر لصورة الملعب الضخم والذي يتسع لأكثر من 99 ألف متفرج وقال في خاطره : «راح نفتح دكان كرك وبراتا عند كل مدخل بإيجار 15 ألف درهم سنوياً واللي عند المدخل الرئيسي بيكون حق نسيبي بخمسة آلاف، يعني نوصل ستين ألف درهم زيادة» يقترب منه «صوير» ليخبره أن الرقم ضئيل جداً فهو فقط 16 ألف دولار، «طيّب والحل؟» يقولها عوير بأسى، يبتسم صوير ويقول: «الحل عندي وأنا بو هندي، نبيع ميسي، سعره 250 مليون دولار، ونيمار سعره 150 مليون، وسواريز 100 مليون، يعني في صفقة واحدة ضاعفت للنادي العائد السنوي بأكمله»، «يدغشه» عوير و«يحبه» على رأسه لهذا الرأي الرهيب، حينها كان الاستشاري الذي يتابعهم كظلّهم «فادي شاورما» يريد من الحب نصيب، ويدلي بدلوه انّه لابد من التخلص من كل شيء لا يعتبر Core Business لذا لابد من بيع الاستاد الكبير واستئجار ملعب كل أسبوعين لتقليل نفقات الصيانة والري والنظافة، الأمر الذي سيوجد سيولة إضافية تصل لنصف المليار دولار من بيع الملعب!.

يستمر سيادة «شاورما» في أفكاره الثورية ويقترح إلغاء التعاقد مع المدرب لأن الفريق لا يحتاجه إلا يوم المباراة ولمدة 90 دقيقة فقط أمّا بقية الأسبوع فاللاعبون يعرفون كيف يؤدون تمارين الحفاظ على اللياقة البدنية، لذا يقترح التعاقد مع مدرب وقت المباراة عملاً بفلسفة كايزن اليابانية في التوريد حسب الحاجة JIT وهو أمر لا يعرفه هؤلاء الأسبان المساكين، ثم إنّ هناك أمراً خطيراً يتعلق برفع كفاءة النادي أُسوةً بما تم في المؤسسة التي ابتلت بسعادة «عوير»، إذ لابد من تقسيم النادي إلى عدة أقسام، ناد للمهاجمين، وآخر للاعبي الوسط، وثالث للمدافعين، ورابع للحرّاس حتى يكون هناك تركيز على العمل الرئيسي!.

«عوير» لا يعجبه لون القميص فيطلب تغييره، وعندما ينصحه أحدهم بأخذ موافقة جماهير النادي «يبحلق عيونه» ويضرب الطاولة وهو يقول: «يهبون، أنا المدير والشور شوري»، ثم يرفع سمّاعة الهاتف ويتصل بسكرتيره في الدار ويطلب منه إرسال «يمعان سياكل» وخمّاس بو غز وحمّود الدقس للتعاقد معهم بدلاً من ميسي ونيمار وسواريز فالمباراة القادمة بعد أيام قلائل!.

يوم المباراة يتفاجأ الجمهور الكبير باستئجار ملعب صغير وبأن الفريق يرتدي قميصاً أبيض يشبه قميص خصمهم الأزلي ريال مدريد، وبأن هناك ثلاث عاهات ترتدي قمصان ميسي ورفيقيه وبمدرب يرونه هم واللاعبون لأول مرة، ولم تمضِ لحظات إلا والأهداف تتساقط كالمطر على فريقهم ليخرج بهزيمة تاريخية!.

يجتمع عوير ورفاقه بشكل طارئ لإيجاد مخرج لهذه الورطة، البعض يقترح أن يتم اتهام الحكم بأخذ رشوة، وآخر يقول ان التسجيل ليس مهمتنا بل مهمة فريق آخر، وآخر يقترح أن يتم دفع مبلغ لكل صحفي حضر المباراة حتى يمتدح الفريق رغم الخسارة، سعادته يفكّر ثم يفكّر ويصرخ كأرخميدس:«وجدتها»، يلتفت لرفيقه صوير ويأمره: «كلّم صاحب الجائزة اللي اشتريناها العام الماضي، نبا جائزة جديدة حق النادي، يسمونها مثلاً جائزة المجموعة الشمسية ومن يرغب من القبائل».

يتم عقد اجتماع طارئ لمجلس الإدارة لمناقشة الكوارث التي أتى بها المغاوير، وعوير يقف لإلقاء خطاب توضيحي، يتنحنح وهو يُخرج ورقة كتبها له السكرتير كالعادة ليتأتئ وكأنه «ديهاتسو موديل 77 بيرقى عرقوب» ويفتخر بزيادة مداخيل النادي وخفض النفقات بتلك الطريقة الجديدة، ويبارك لفوز النادي بجائزة المجموعة الشمسية التي لم يسمع بها أحد، قبل أن يُكمل كان «قوطي بيبسي» يضرب جبهته من أحد الأعضاء الغاضبين، لأصحو معها أنا من كابوسي المرعب، أستعيذ بالله وأنفث عن شمالي ثلاث مرات!.

نحن لا ننتقد الأسماء ولكن السلوك، ولا يهمنا من يفعل ولكن ماذا يفعل، وعندما تغيب الرؤية الكاملة لواقع المؤسسة ومستقبلها تكون كل الحركات أشبه بلعبة الروليت الروسي «يا تموت يا تعيش»، وإن الألقاب والمسميات الوظيفية لا تخلق وحدها كياناً مؤسسياً ناجحاً إنْ افتقد من يحمل هذه المسميات الكفاءة الحقيقية، وكم هو محزنٌ عندما ترى المستويات القيادية في مؤسسةٍ ما وقد منحت نفسها تقييم «ممتاز» بينما تحقق ذات المؤسسة أسوأ درجات التقييم في نظر المقيّمين والمتعاملين، وهكذا تؤكد الأحداث من جديد أن أصحاب القدرات المحدودة يحدّون من قدرات المؤسسات مهما كانت عظيمة، فحتى برشلونة لن يحتمل «عوير» ورفاقه!.

Email