دفاعاً عن الإسلام

يواجه الإسلام الآن حملة تشويه غير مسبوقة، ربما لم يشهدها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فمنذ ذلك التاريخ، والمنطقة العربية تنتقل من أسوأ إلى أسوأ بشكل لم تشهده منذ منتصف القرن الماضي، فعمليات التفتيت المتواصلة، التي بدأت بالعراق مروراً بسوريا وليبيا لم تتوقف حتى الآن، ولا يعرف أحد إلى أين سوف تنتهي بنا وبدول المنطقة.

إضافة إلى ذلك تشهد المنطقة صعوداً غير مسبوق للحركات والجماعات الدينية المتطرفة، وعلى رأسها حركة داعش، التي عادت ممارساتها بنا إلى القرون الوسطى.

وتؤثر هذه الممارسات اليومية في عالمنا العربي على وجه الخصوص في خلق المناخ المناسب للانتقال من نقد هذه الممارسات والأوضاع الدموية إلى محاولة الكثيرين النيل من الإسلام ذاته، وبث الشك فيه وفي سماحته ووضعه الكوني المؤثر.

وخطورة هذه الأوضاع أنها لم تعد فقط تتعلق بالكتابات الغربية الموتورة التي تأتي تحت ما يُعرف «بالإسلاموفوبيا» لكنها تتعدي ذلك إلى انتقال تلك الكتابات والأفكار إلى عالمنا العربي، من خلال محاولة تمريرها إلى الأجيال الجديدة والعمل المتواصل والخفي من أجل تشكيكها في دينها والممارسات المرتبطة به.

وفي هذه المرحلة التاريخية المأزومة في عالمنا العربي نحتاج إلى تضافر الكثير من الجهود الفردية والمؤسساتية والحكومية من أجل العودة بالإسلام إلى مكانته اللائقة ديناً مهماً ومحورياً ضمن الحضارة الإنسانية.

أول هذه المهام التي يجب أن تضطلع بها الحكومات العربية أن تعي ضرورة وأهمية التفريق وعدم الخلط بين المواجهة الحازمة للتيارات المتطرفة وبين الإسلام ذاته، ففي الكثير من الأحيان تبدو المواجهات مع الجماعات المتطرفة مواجهات مع الإسلام ذاته، وهى مسألة بالغة الحساسية يجب أن تراعيها المواجهات الحكومية للدول العربية.

وللإنصاف، فإن بعض الإعلام العربي يسهم في تقديم تلك الصورة المخيفة التي تجعل البعض يعتقد أن مواجهات الدولة للتيارات والجماعات المتطرف هي في التحليل النهائي مواجهات للإسلام ذاته ورغبة في الانتقاص منه.

وسواء تمت الممارسات الإعلامية في العالم العربي عن قصد أو غير قصد فإنها تصب في النهاية في بث صورة سيئة ومخيفة عن الإسلام والمسلمين حول العالم.

ويلاحظ هنا أن بعض وسائل الإعلام العربية أصبحت أكثر شراسة وحدة في هذا الاتجاه مقارنة بالكثير من وسائل الإعلام الغربية التي تحاول أن تنحو نحواً موضوعياً في التعامل مع الإسلام والمسلمين حول العالم.

ويأتي في الطليعة من تعاملات الحكومات العربية مع الإسلام والدفاع عنه الدور المنوط بالمؤسسات الدينية وعلى رأسها وزارات الأوقاف والمساجد المختلفة المرتبطة بها، فنحن الآن في أشد الاحتياج لواعظ عصري مرتبط بمستجدات التحديث قادر على التعامل مع الأجيال الجديدة على وجه الخصوص، وقادر على المحاورة معهم، والصبر عليهم وعلى أفكارهم الجديدة والغريبة في الوقت نفسه.

إضافة إلى ما سبق، فمن غير المعقول ألا تهتم الأسرة العربية بأبنائها تاركة إياهم للأفكار الشاردة من هنا وهناك، خصوصاً في الدول التي تتشكل من ثقافات عديدة مختلفة المشارب والألوان.

 في هذا السياق، وفي تواصل مع المساجد، يجب أن يكون للأسرة العربية أفكارها الدينية التي يتم من خلالها العمل على تطوير عقلية أبنائها، وتثبيت دعائم الدين الإسلامي السمح في عقولهم، بما يبعد عنهم شبهة الشكوك المختلفة، وأدران الواقع العربي المهترئ.

الدفاع عن واقع الإسلام الراهن، يحتاج إلى منظومة رأسها الدولة وجسدها المؤسسات الدينية وقاعدتها الأفراد والأسرة، فهل نستطيع إعادة بناء هذا المنظومة من أجل صيانة ديننا الحنيف؟!

 

الأكثر مشاركة