خسارة الطبقة الوسطى الأميركية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل قضية تقريبا، تتعلق باليسار واليمين تقسم الديمقراطيين والجمهوريين، كما تقسم الجمهوريين أنفسهم، والنتيجة هي أن يتم تصوير تلك السياسات الشعبوية، إلى حد كبير، بتطرف «حزب الشاي»، ويكاد يغيب صوت الطبقة الوسطى. ومشكلة خطة الرعاية الصحية (أوباما-كير) التي وضعها أوباما لأميركا، هي أن أنصارها من ذوي النفوذ الذين تجمعهم علاقة جيدة، قد كسبوا بالفعل بالإعفاء منها..

حيث سيحظى الأثرياء دائما بأطبائهم الخاصين، وخططهم الصحية الفخمة. وفي المقابل، فإن أولئك الذين فقدوا خططهم الفردية المفضلة، أو سيدفعون أقساطاً وخصومات أعلى، هم في معظمهم أعضاء الطبقة الوسطى الذين يعملون لحسابهم الخاص..

ويعتبرون فقراء للغاية بحيث لا يمكنهم تغطية تكاليف رعايتهم الصحية الشخصية، إلا أنهم أثرياء بحيث لا يشملهم معظم الإعانات الحكومية. وحتى الآن، فإن وقع خطة «أوباما-كير» أقسى على الطبقة المتوسطة. فملايين الشباب غير مؤهلين للمنح المستندة إلى أي من مستويات الدخل، أو النسب، أو كليهما، وآباؤهم ليسوا أغنياء بما فيه الكفاية لدفع رسومهم الدراسية، أو تكاليف الإقامة والطعام.

والنتيجة هي أن الطبقة الوسطى، من الآباء والطلاب على حد سواء، قد راكموا مستوى هائلاً من ديون قرض الطلاب. والجامعات لا تساعد في ذلك الإطار، إذ ارتفعت تكاليف الرسوم الدراسية السنوية أسرع من معدل التضخم.

وفي العديد من المباني الجامعية، هنالك زيادة كبيرة في المدراء من ذوي الدخل الجيد وساعات العمل الأقل، إلى جانب أن مرافق المباني الجامعية الترفيهية الحديثة والفارهة، تتوقف جميعها على حصول الطلاب على المزيد من القروض الاتحادية، ليلجأوا إلى الديون الهائلة بغية دفع تكاليف أولئك الذين هم أقل مساءلةً (المعلمون والمدراء) وأفضل حالاً بكثير.

وتأتي الهجرة غير الشرعية، على حساب الطبقة الوسطى أيضا، حيث يميل أنصار العفو لأن يكونوا رعايا أجانب فقراء ممن يرغبون في الحصول على العفو. ولا يأبه أصحاب الشركات ونخب صناعة السياسات القائمة على الهوية، بالظروف القانونية لدخول الرعايا الأجانب إلى أميركا.

والضائعون في السجال حول «إصلاح شامل للهجرة» هم مواطنون أميركيون من الذين يسعون للحصول على وظائف لا تشترط توفر الخبرة، ومن جميع الأعراق، والذين لا يمكنهم دفع أصحاب العمل لرفع الأجور..

بينما يعمل ملايين من الرعايا الأجانب المقيمين بشكل غير قانوني، مقابل رواتب أقل. ويتحمل دافعو الضرائب من الطبقة الوسطى، بشكل أكبر، مسؤولية توفير المساواة في الإسكان المدعوم، والتكاليف القانونية، والرعاية الصحية، والتعليم، لأولئك الذين دخلوا البلد بشكل غير قانوني..

وتحديدا عندما يتخلى أصحاب الشركات عن عمالهم المصابين، أو الذين لا يحملون وثائق ثبوتية. إن الأثرياء أو ذوي النفوذ السياسي، الذين غالبا ما يدعون لسن قوانين أكثر صرامة للآخرين، يُسلّمون بتسليح عناصر أمنهم الخاص، المسلحين في الغالب..

بينما تقع المبادرات الجديدة لضبط السلاح على عاتق الملتزمين بالقانون، الذين يصطادون أو يرغبون في الدفاع عن أسرهم ومنازلهم بواسطة أسلحتهم المرخصة. وأصبحت سياسة الطاقة تخدم الأثرياء الذين يقدمون على رفع أسعار الرياح، والطاقة الشمسية..

والوقود الحيوي المدعوم من قبل 53% من الأميركيين، الذين يدفعون ضرائب الدخل الاتحادية، ويواجهون ضغطاً أكبر من التكاليف الكاملة المرتفعة لسعر الوقود، والكهرباء، والتدفئة. بيد أن أفضل أصدقاء الطبقة الوسطى هم الحفارون الأفقيون المنقبون عن النفط، وليسوا الحكومة ولا دعاة حماية البيئة الذين يعارضون مثل تلك الاستكشافات.

إن الفقراء يستحقون تخفيف عبء الديون ومعدلات الرهن العقاري الرخيصة (والمدعومة غالبا)، والتي لا تزال في أدنى مستوياتها التاريخية. أعضاء الطبقة الوسطى المقتصدون هم الخاسرون الحقيقيون، فخلال السنوات الخمس الماضية لم يتلقوا، تقريبا، أي فوائد على حسابات دفاتر ادخارهم المتواضعة. بعبارة أخرى، إننا نعاقب المقتصدين، ونذكر المدخرين المتواضعين بأنه ربما يجدر بهم إما الاقتراض، أو المقامرة في «وول ستريت».

 

Email