قبِلتْ أميركا اقتراحاً قدمه رئيس الوزراء الليبي علي زيدان بتدريب 7 آلاف جندي ليبي نظامي، بالإضافة إلى قوات مكافحة الإرهاب.

وهي فكرة سيئة للغاية، حيث قد يعرض هذا الأمر برنامج إدارة الرئيس باراك أوباما "الأمل والتغيير"، لتحدٍ جديد ومحتمل في ليبيا، وما عليك في هذا الصدد إلا أن تفكر في بنغازي.

في حديث له أخيراً، صرح الأميرال وليام ماكريفن من قيادة العمليات الأميركية الخاصة، الذي قاد مهمة قتل أسامة بن لادن، وبالكاد يمكنه احتواء حماسته للفرصة: "كدولة، علينا القول إن هنالك على الأرجح بعض المخاطر في أن بعض الأشخاص الذين سندربهم، ليس لديهم السجل الجنائي الأنظف.

وفي نهاية المطاف، هذا أفضل حل يمكننا إيجاده لتدريبهم ليتعاملوا مع مشكلاتهم الخاصة".

ما هو مقدار البهجة الذي يجب أن يكون عليه الأميرال عند تفكيره في تقديم أرقى تدريب أميركي يمكن أن يدفع أمواله دافعو الضرائب، لجنود أجانب قادرين على اجتياز تحريات دقيقة جداً عن ماضيهم، ومعايير التجنيد التي تتعرض لها قواتهم المحلية الخاصة؟

يبذل الجيش الأميركي قصارى جهده لمنع وقوع حوادث مثل الحادثة التي جرت في قاعدة "فورت هود" الأميركية، حيث انسل شخص واحد عبر شقوق في النظام، وارتكب مذبحة جماعية على أرض تعتبر قاعدة عسكرية في الأساس.

ستكون أرض تجنيد المتدربين الليبيين العش نفسه الذي أفرز المتشددين الذين قتلوا، بدم بارد، السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز. ووفقاً "للاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب"، فإن في ليبيا على الأقل 13 منظمة إرهابية رسمية.

لا يعد التدريب العسكري وسيلةً لإيجاد استقرار دائم. ويعتبر الاستثمار الأجنبي المباشر، ووجود الشركات الكبرى متعددة الجنسية التي توفر الوظائف، وإعادة الإعمار،إلى جانب وجود أفراد الأمن العسكري السابقين من بلدهم ذاته، حلاً يمكن أن يعزز الاستقرار على المدى الطويل.

عندما تتم إتاحة الفرصة للمواطنين لكسب أجر كافٍ للمعيشة، يتجلى مجتمع محلي وقائي. وهذا صحيح، بصفة خاصة، في بلد مثل ليبيا. فوفقاً لإحصاءات وكالة الاستخبارات المركزية، يعيش حوالي ثلث سكان البلد عند أو تحت خط الفقر.

ومن الأفضل دائماً التنبؤ بالصراع ومنع وقوعه، عوضاً عن الاضطرار لاستدعاء القوات عند اندلاع أمر ما. ويصبح موظفو شركة، في منطقة لإعادة الإنشاء، مصادر استخباراتية قيمة، لمصلحة الذين يرغبون في الحفاظ على حياتهم الجديدة.

يتوجب تشجيع التعاون بين الأمن المحلي والشركات متعددة الجنسية، التي تنتقل إلى ليبيا للمساعدة على إعادة إعمارها. إلا أن هنالك فرقاً بين التعاون، وتدريبهم بشكل تام حسب تكتيكاتك العسكرية الخاصة.

صرح وزير الاقتصاد الليبي، أحمد سالم الكوشلي، في عام 2012، بأن ليبيا ترغب في "استثمار طويل المدى" من الدول الأجنبية.

وكان المعنى الضمني أنه يجب على الشركات الأجنبية المهتمة ألا توافق فحسب على تخطي أي اضطراب، بل ينبغي عليها كذلك أن تكون على استعداد للاستثمار في بناء بعض الجسور، والطرق، والمساكن، عندما تأخذ تلك الشركات استراحةً من نهب النفط والمعادن من أرض البلد. ومع كل هذه الأنشطة تأتي الوظائف، والأرباح، وحجة التعاون بين مختلف الأطراف، وبالتالي زيادة الاستقرار.

غير أنه هنا، مجدداً، تعد الصين أكبر منافس للغرب. فرغم علاقات ليبيا التجارية طويلة الأمد مع الدول الأوروبية، مثل إيطاليا وفرنسا، لا يقدم أحد المزيد من الاستثمار المباشر لليبيا أكثر من الصينيين. وتعد كل من الصين وأميركا أكبر دولتين في العالم في ما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، تضاعفت أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر في ليبيا، من عام 2010 حتى عام 2011، للنقطة التي تمثل عندها أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلد، وذلك قبل تراجعها في عام 2012.

لا تهتم الصين بتدريب الجيش العسكري الليبي، أو بالفوارق الدقيقة في المصارف الإسلامية، وإنما تبني مشاريع إسكان ضخمة، وسككاً حديدية، وهي واثقة من أن الرغبة في القيام بأعمال تجارية مع ليبيا ستؤتي ثمارها.

إن هذه حرب اقتصادية بالوكالة بين الصين وأميركا في ليبيا، وعلى امتداد قارة إفريقيا، وليست حرباً عسكرية. يجب أن يكون الرئيس أوباما أقل تركيزاً على تدريب متشددين محتملين، وأن يركز بشكل أكبر على استخدام الرأسمالية لعمل كل ما في وسعه، في منافسة السوق الأجنبي رأساً برأس ضد الصين.

 وفي الوقت ذاته، يعمل على تقديم أجور أفضل، ومعايير بيئية أعلى. وإلا فإنه، قد ينتهي الحال بأميركا بتدريب جيش بالوكالة للصين، بشكل غير مقصود.