«الإخوان» والسلفيون ... هل هناك فرق؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحاول السلفيون في مصر، وبشكل خاص المنتمون لحزب النور، الادعاء بأنهم تيار معتدل وسطي لا يتبع الإخوان، يحاول بكل جهده أن يبحث عن مخرج للأزمة الراهنة في مصر التي تنذر بالكثير من العواقب.

ورغم ادعاءاتهم المتعلقة برفض محاولة أخونة الدولة، ورفضهم لحكومة هشام قنديل المقالة، ومطالبتهم بحكومة وفاق وطني تشمل الجميع، فإن الأمر يبدو كما لو كان نوعا من توزيع الأدوار وخلق معارضة شكلية من داخل تيار الإسلام السياسي المتشدد، بما يمنحه تنوعا وتجميلا أمام الرأي العام الداخلي والخارجي على السواء.

علينا أن نضع في الاعتبار أن المنتمين لهذا التيار لم تعرفهم ثورة الخامس والعشرين من يناير، كما أنهم كانوا من المشاركين في مذبحة الدستور الذي صاغه الإخوان، إضافة إلى ارتباطهم الوثيق بالجماعة من خلال اختيار مستشارين من بينهم للرئيس المعزول محمد مرسي.

إضافة إلى ذلك، فإن الكثير من القرارات سيئة السمعة التي مُررت من قبل حزب الشورى الإخواني، تم تمريرها على مرأى ومسمع ومباركة من حزب النور وممثليه في هذا المجلس سيئ السمعة. وعموما، يمكن القول بأن أكثر الأحزاب التي استفادت من الثورة، دون أن تقدم لها شيئا، هي تلك الأحزاب "الإسلامية" التي اعتلت المشهد وركبته، دون أن تقدم أي شهداء أو أي خسائر بشرية أو مادية.

وللأمانة، فإن بعض المصريين كانوا يمنون أنفسهم بأن يكون حزب النور السلفي وحزب مصر القوية برئاسة عبد المنعم أبو الفتوح، مثالا لممارسة سياسية جديدة وواعدة، تقدم واجهة وطنية متميزة رغم انطلاقها من خلفية إسلاموية.

 ومنذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير التي لم يشارك فيها، منذ يومها الأول، أي تيار إسلاموي، بمن في ذلك الإخوان والسلفيون، فإن الكثير من المصريين لديهم قناعات واسعة وعميقة بأنه يصعب التفريق بين أي من المنتمين للتيار الإسلامي السياسي؛ فجميعهم تحكمهم التوجهات الدينية الأقرب للتطرف، وتغيب عنهم سماحة الإسلام والقبول بأي من المخالفين لهم في التوجهات الفكرية والأيديولوجية.

ويمثل العنف القاسم المشترك والأكيد بين هذه التيارات، رغم عدم ممارسته من قبل البعض منها. فمعظم هذه التيارات، إن لم يكن كلها، لا يدين العنف أو يقف في وجهه.

فحالة الصمت المخيف التي تنتاب حزب النور وحزب مصر القوية، وغيرها من أحزاب الإسلام السياسي الأخرى في مصر الآن، تجاه القتلى من التيارات الأخرى وأحداث العنف المتلاحقة التي تمس كافة التيارات السياسية، تستدعي التساؤل عن حقيقة هذه الأحزاب والتيارات والتصورات الفعلية التي تنطلق منها.

نقول هذا وعيوننا تتجه نحو ما حدث أمام دار الحرس الجمهوري من أحداث عنف واسعة النطاق، وسقوط العديد من القتلى من المعتصمين وقوات الجيش والشرطة المصريين.

فاللافت للنظر هنا هو تلك التعليقات الفورية التي طالعتنا بها إحدى القنوات العربية المغرضة، على لسان نادر بكار المتحدث باسم حزب النور السلفي، وعبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية.

فكلاهما دانا ما حدث ووصفاه بالمجزرة، بل إنهما غيرا مواقفهما تجاه الجيش المصري العظيم، والدور الوطني الذي قام به من تغيير شعبي لصالح الملايين من المصريين، وإذا بهما يصفانه بالانقلاب، ويتحدثان عن الشرعية، التي لم يتحدثا عنها طوال الأيام الماضية.

وبشكل عام، فإن هذا هو المتوقع من قبل كل المسؤولين عن الأحزاب الدينية في مصر الآن، بل هو المتوقع من قبل كبار شيوخهم، بمن في ذلك القرضاوي الذي يغير توجهاته كل يوم حسب الموقف وحسب الضرورات.

ومن الغريب أن هذه الأحزاب السياسية وقادتها الذين يدعون العمل بتعاليم الإسلام والاقتداء بتوجيهاته، لم نسمع منهم أي شجب للعنف الهائل الذي اندلع في مصر خلال الأيام الماضية في حي المنيل وبين السرايات في القاهرة، وحي السيوف في الإسكندرية. بل إن هؤلاء، الذين يتحدثون عن مجزرة الحرس الجمهوري، لم يستنكروا مشهد الإسلامويين الإرهابيين وهم يقذفون الأطفال من فوق سطح أحد المباني في الإسكندرية، ثم يتناوبون تقطيع أجسادهم بالسيوف.

لقد كشفت أحداث الحرس الجمهوري، رغم الخسائر الهائلة المرتبطة بها والتي كنا نتمنى عدم حدوثها، أن الفصيل الديني في مصر، على كافة أشكاله وتوجهاته، هو فصيل واحد ومتناغم لا تهمه مصلحة مصر من قريب أو بعيد، ولا تهمه سمعتها، ولا تهمه دماء الأبرياء من أي طرف من المصريين. هذا الفصيل لا يهمه سوى العودة لسدة الحكم، وإملاء رؤاه الدموية على المصريين، وهدر دمائهم وسفكها.

لن يقف المصريون اليوم مكتوفي الأيدي أمام هذا الفصيل الدموي، فمن ميزات هذا الفصيل أنه وحد كافة أطياف الشعب المصري مع الجيش والشرطة في مواجهة العنف والتطرف، والعمل من أجل استرجاع مصر قوية وعفية، رغم أنف المتمسحين بعباءة الإسلام، وهو منهم براء.. اللهم احفظ مصر وأبناءها الطيبين.

Email