آليات التدمير الإخواني لمصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمنحنا الفترة التي قضاها الرئيس مرسي وجماعته في حكم مصر، عناصر عديدة ومخيفة عن السبل التي يمكن من خلالها تدمير حضارة أي شعب من الشعوب. ورغم قصر المدة التي قضاها الرئيس في الحكم، والتي تبدأ عامها الثاني نهاية الشهر الحالي، فإنها حفلت بالعديد من الكوارث المتلاحقة، التي تكشف عن آليات محددة يمكن استخدامها في تدمير أي بلد.

 والواقع أن ما يقوم به الإخوان المسلمون الآن في مصر من تدمير مقصود ومنظم، لم تصل إليه عقلية أي مستعمر غاشم لا يهدف سوى لنهب وسلب الخاضعين له. وتشتمل عملية التدمير التي يقوم بها الإخوان ومن يواليهم من التيارات الأخرى، التي تدعي انتماءها كذبا وزورا للإسلام، على الآليات التالية:

1- الكلام الكثير والمتناقض في الوقت نفسه، بما يخلق حالة من البلبلة والاضطراب بين عموم الشعب. ولا يقف التناقض هنا على بعض قيادات الإخوان، بل ينسحب أيضا على الرئيس وفريقه الرئاسي والبيانات والأحاديث المرتبطة بهما.

2- خلق حالة من عدم الثقة السياسية بين عموم الشعب، وهى حالة مُهلكة لأي دولة من ناحية إشاعة عدم الاستقرار على المستوى الجمعي والفردي معاً. فالدول المستقرة سياسيا ينتقل استقرارها لجموع أفرادها، ويظهر ذلك واضحا من خلال ممارسة حياتهم اليومية بهدوء ويسر وقدر كبير من الثقة والطمأنينة، وهو أمر بات منعدما الآن بين جموع أفراد الشعب المصري.

3- استخدام البنى القيمية والدينية في غير محلها، بما يخلق نوعا من التفكك القيمي والديني. فما تقوم به جماعة الإخوان والمتأسلمون المرتبطون بها، هو خلق بنى أخلاقية جديدة تتهم غيرهم بالانحطاط وتكفرهم دينيا، في الوقت الذي تخلق لأتباعها قداسات من نوع جديد، لا يعرفها الإسلام.

4- تدني الخطاب الديني المرتبط بالإخوان ومن يواليهم، فالمصريون الآن يرون قتلة السادات يتحدثون في شؤون الدين ويصنفون الناس إلى مؤمن وكافر، وتخلق تلك الحالة صعوبات جمة في الفهم والتقييم.

5- ولا يتحدث قتلة الأمس فقط عن الدين، بل يتحدثون عن الشرعية والاستقرار والهدوء والعمل، ويثبت الواقع المصري الآن أن هؤلاء القتلة الذين يتمسحون في الإسلام ما هم إلا الذراع العسكري الجديد للإخوان، الذي يهددون به كل من يخالفهم. 6- ويرتبط بتلك الميليشيات الدموية التي يستخدمها الإخوان، خلق حالة من التخويف المجتمعي العام، بهدف وأد العمل السياسي والسيطرة على الأحزاب المناوئة لهم.

ويستخدم الإخوان كافة الأساليب المنحطة، والتي ظهرت بوادرها بشكل واضح في أعقاب الانتشار الهائل لحركة «تمرد»، بدءا من خطف النشطاء السياسيين، ومعظمهم من الشباب الثوري غير المنتمي حزبيا، مرورا بالاعتداء عليهم، وحتى حرق مقراتهم وسرقة محتوياتها.

7- التشويه المتعمد لكافة المخالفين للإخوان والمتأسلمين، والملاحظ من خلال أزمة وزير الثقافة وخلافاته الهائلة مع المثقفين المصريين، عودة لغة الاتهامات القديمة التي كانت تستخدمها النظم السابقة، مثل شيوعي ويساري وليبرالي ومنحل ومخالف للعادات والتقاليد ومناوئ للقيم الإسلامية... إلخ من الاتهامات السياسية الجاهزة والمعدة سلفا للنيل من النشطاء السياسيين.

8- النيل من مؤسسات الدولة المختلفة، والطعن فيها، والتقليل من شأنها. فلا يهم الإخوان ومن يواليهم جهاز الشرطة أو الجيش، على سبيل المثال، ففي نظرهم هذه أجهزة قمعية كانت تستخدم في ما مضى للبطش بهم والنيل منهم ومن أتباعهم. وتتلاقى هذه الرؤية مع رؤية الإخوان ذاتها المتدنية لقيمة الوطن وعدم الاعتداد به، في ظل رؤيتهم الضبابية لحلم الخلافة والسيطرة على العالم.

9- ويرتبط بما سبق التدمير المتعمد لمؤسسات الدولة الأخرى، وعلى رأسها المؤسسات الثقافية المختلفة. فعدم امتلاك الإخوان لأية رؤية ثقافية، وضحالة تفكيرهم الفكري والثقافي، تجعلهم يمقتون الثقافة والمثقفين، ويحاولون تدمير مؤسساتها المختلفة، ولعل ما قام به وزير الثقافة الإخواني الحالي من هدم لمؤسسة الأوبرا والهيئة العامة للكتاب وغيرها من المؤسسات الثقافية الأخرى، يؤكد على غياب الرؤية الثقافية للجماعة وأتباعها.

علينا أن نذكر هنا أننا لم نسمع عن شاعر أو أديب أو فنان أو ممثل محترم ينتمي للجماعة عبر تاريخها الطويل، بل إن الجماعة ذاتها تفتقر لمفكرين دينيين مستنيرين حقيقيين، وهو ما يفسر الانحطاط الفكري المهيمن على كافة أحاديث وكتابات القائمين عليها، بما في ذلك القيادات المؤثرة منها. هذه مجرد مجموعة لآليات تدمير مصر التي تمارسها جماعة الإخوان الآن، وهى آليات ربما لم تشهدها مصر وهى تحت المستعمر البريطاني، الذي كان أكثر استنارة وانفتاحا وتقدما مما عليه حال الجماعة المقبض والكئيب والأكثر تخلفا!

 

Email