حزب الله وحماس والإخوان.. كيف يلتقون؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

التسريبات المتتالية عن قيادة الجيش المصري تشير، بدرجة أو بأخرى، لتورط حركة حماس في مقتل المصريين الستة عشر في ما يُعرف بمجزرة رفح، إضافة إلى العثور على أثواب من نوعية القماش نفسها التي يرتديها أفراد الجيش المصري، في أحد الأنفاق على الحدود مع غزة، .

وما تبعه من تغيير قوات الجيش الثالث الميداني في السويس لملابس أفرادها المنتشرين في المدينة، كلها تشير إلى توتر كبير في العلاقة بين الجيش المصري وحركة حماس. يرتبط بذلك خبر القبض على سبعة فلسطينيين، أنكرت حماس علاقتها بهم فيما بعد، يحملون خرائط عسكرية قيل إنها لمنشآت مصرية حساسة، تم الإفراج عنهم لاحقا بتدخل قوي من الرئاسة المصرية، حسب ما تناولته وسائل الإعلام المصرية.

والغريب أن التوتر لم يحدث مع الدولة المصرية رئيساً وجماعة؛ ففي غضون الأزمة المتصاعدة الآن بين الجيش المصري وحماس، زار خالد مشعل، بشكل استفزازي، مقر المرشد العام للجماعة في المقطم، في تحدٍّ صارخ لمشاعر المصريين، وأيضاً لتلك التسريبات الإعلامية المخيفة والمحزنة في الوقت نفسه. اللافت أن الجماعة.

وليست الرئاسة، تناولت الزيارة على أنها شيء عادي ومتكرر بين فترة وأخرى، لا يثير مشكلة في هذا التوقيت. إضافة إلى ذلك، فقد أكد بعض مسؤولي الجماعة أن الملابس المضبوطة كانت مرسلة لأطفال غزة، وليست لأي شأن آخر! في تأكيد يشير لصحة التسريبات وعلم الجماعة بوجود أثواب عسكرية مرسلة لغزة.

وإذا كان غباء الجماعة يصل لمثل هذا الحد من التبرير، فإن غباء حركة حماس يشابه مثل هذا المستوى، من خلال البيان الإعلامي الذي نفت فيه الحركة تلك الادعاءات، وهددت بمقاضاة جريدة الأهرام المصرية. الغريب أن تلك التصريحات تمت من خلال أفراد متخفين لا نعرف هوياتهم، كما أنهم لم يتحدثوا عمن قام بإنشاء الأنفاق على حدود دولة مجاورة، لها هيبتها وسيادتها.

الواقع أن الاتهامات أصبحت تطول الحركة الآن في ما يتعلق ببدايات الثورة المصرية ذاتها، وما قام به البعض من فتح للسجون وإخلائها من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك رئيس الجمهورية الحالي. فالأحاديث متواترة بشكل كبير الآن، عما قام به أفراد من خارج مصر لإخلاء تلك السجون واقتحامها، وهناك الكثير من الأدلة المنتشرة الآن حول ذلك الموضوع، بما فيها تهريب بعض المسجونين من حزب الله، ووصولهم إلى لبنان.

ما الرابط بين حزب الله وحركة حماس وجماعة الإخوان؟ وما هي حركة الوصل بينهم؟ وهل هناك شامي أو مغربي في هذا التحالف، أم أنه تحالف طبيعي أملته الظروف والنشأة واضطرابات المنطقة؟

بداية، فقد دافعت ودافع غيري كثيراً عن حزب الله، وأشدنا بدوره في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، كما دافعت ودافع غيري عن حركة حماس، ومقاومتها الصلبة في مواجة الظلم والتعنت الإسرائيلي، وأخيرا فقد دافعت ودافع غيري أيضا عن حقوق جماعة الإخوان، وظلم النظام السابق لها. بالطبع الجماعة ليس لها ما يُعرف في تاريخها بمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، أو حتى الشعور بقيمة مصر، فمرشدها السابق أهان مصر في يوم من الأيام بعبارته الشهيرة والمعروفة.

لكن، رغم تلك الإشادة، فإن الصورة الكاملة لم تكن واضحة في إطار المقاومة والرغبة المتأججة في إيقاف العدوان الإسرائيلي، سواء على لبنان أو غزة. فنحن في كلتا الحالتين أمام تنظيمات عسكرية سرية ومغلقة، نشأت بفعل الأجواء المحيطة بها.

فإذا كانت تلك التنظيمات تتحمل الكثير من تبعات سلوكياتها العنيفة الآن، فإنها نشأت أيضاً نتاجاً لظروف العنف المحيطة بها، وبفعل الخوف من القوى الأخرى المتربصة بها. وحينما تمددت وازدادت قوتها عسكرياً، فإنها لم تقوَ على المستوى نفسه سياسياً، فأصبحت مثل جسد قوي مفتول العضلات، لكنه فاقد للتفكير والتعامل مع الآخرين.

هكذا رأينا حزب الله مع باقي الفصائل اللبنانينة الأخرى، وهكذا رأينا موقفه الداعم لإيران وسوريا، بغض النظر عما تقوم به هاتان الدولتان من إثارة للعنف والقلاقل في المنطقة، وهكذا رأينا حماس أخيرا في تلك التسريبات المرعبة، التي أصبحت حديث المصريين الآن.

وهكذا أيضا رأينا جماعة الإخوان المسلمين، أقدم تنظيم سري في المنطقة، القلقة والمضطربة والعنيفة. فالمظاهرات الأخيرة التي اندلعت أمام مكتب الإرشاد في مدينة المقطم المصرية، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أننا أمام تنظيم جامد ضيق الأفق، جسد مفتول العضلات، دون تروٍّ أو تعقل، يستبيح كل شيء بما في ذلك ضرب النساء وسبهن بأقذع الألفاظ.

اللقاء الغريب بين الجماعة وحركة حماس وربما حزب الله، يثير تساؤلا آخر يتعلق بانهيار الدولة في سبيل حلم الخلافة والتوسع فيها.. فحماس لا تهمها غزة، وحزب الله لا يهمه لبنان، والإخوان لا تهمهم مصر، فأين يلتقون؟!

 

Email