ليكن أوباما كما عرفناه

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد النكسة المدمرة التي مني بها حزبه في انتخابات 2010 النصفية، تمت إعادة انتخاب الرئيس الأميركي باراك أوباما، عن طريق تصوير خصومه الجمهوريين بوصفهم قساة القلوب فيما يتعلق بتفضيلهم خفض الضرائب لصالح الأغنياء. وتم تصويرهم على أنهم منحازون لمعارضتهم قانون "الحلم" للعفو عن المهاجرين غير الشرعيين، وعلى أنهم قساة في محاربة السيطرة الفيدرالية على الرعاية الصحية.

ردّ الجمهوريون بحجج تفيد بأن فرض ضرائب أعلى على طبقة أصحاب العمل، يضر بالاقتصاد الأميركي بشكل عام، وافترضوا أن معظم الناخبين يعرفون أن العفو هو عبارة متلطفة لتقويض القانون الفيدرالي، وفي الماضي كان لها تأثير متمثل في تعزيز المزيد من الهجرة غير الشرعية.

وحاولوا الإشارة إلى أنه لا يوجد شيء مثل الرعاية الصحية المجانية الشاملة، لأن قانون "أوباماكير" سيحوّل المسؤولية من ممارسي الرعاية الصحية والمرضى، إلى بيروقراطيات حكومية غير فعالة، ويخفي التكاليف الحقيقية مع زيادة الضرائب.. وفشلوا فشلاً ذريعاً في إقناع الشعب الأميركي بأي من ذلك.

فلماذا لا يعطي نوّاب المجلس، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، للناخبين والرئيس أوباما ما كانوا يتمنونه؟

المعركة الحالية حول الميزانية، تتوقف على ما إذا كانت ستتم العودة إلى معدلات ضريبة الدخل من عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، على الأقل بالنسبة لمن يحصلون على أكثر من 250 ألف دولار سنوياً.

والسماح لمعدلات الدخل الفيدرالية بالزيادة إلى ما يقرب من 40% على هذه الفئة، من شأنه أن يجلب نحو 80 مليار دولار من العائدات سنوياً، وهو قدر يكاد لا يذكر عندما يوضع في مقابل عجز قيمته 1.3 تريليون دولار سنوياً، نما بشكل كامل تقريباً من إنفاق خارج نطاق السيطرة منذ عام 2009.

وبدلاً من ذلك، لماذا لا تتم الموافقة على رفع معدلات ضريبة الدخل الفيدرالية، فقط على "المليونيرات" و"المليارديرات" الحقيقيين و"القطط السمان" و"أصحاب طائرات رجال الأعمال"، الذين ظل أوباما بشكل مستمر يشوه صورتهم؟ وبعبارة أخرى، تجاوز صاحب متجر إطارات أو طبيب أسنان، وفرض ضريبة، على سبيل المثال، على من يكسبون مليون دولار أو أكثر من الدخل السنوي.

هناك ثماني مقاطعات من أصل أغنى 10 مقاطعات في الولايات المتحدة، صوتت لصالح أوباما، وينبغي للشركات والمحامين والأثرياء في هوليوود ووول ستريت، ألا يمانعوا جميعهم في "دفع حصتهم العادلة".

رفع معدلات الضرائب الفيدرالية لأكثر من 40% على الدخول التي تتجاوز مليون دولار سنوياً، يوفّر حلاً وسطاً، وهو حماية معظم العدد المحدود من رجال الأعمال الجمهوريين الذين يرغبون في الحماية، بينما يتم السماح لأوباما بفرض ضريبة على فئة الـ1% الذين يعتقد أنهم حتى الآن نجوا من دفع ما هو مستحق عليهم، ومن ثم تحميل الرئيس مسؤولية القيام بدوره في صفقة إجراء التخفيضات المطلوبة في الإنفاق.

وبالمثل، بدلاً من زيادة ضرائب التركات على حفنة محدودة من رجال الأعمال، فلماذا لا يتم سد الثغرات لأصحاب العقارات ممن يمتلكون مليار دولار، من خلال فرض الضرائب على تركاتهم العملاقة، وحتى على مؤسسات رعاية الحيوانات الأليفة التي تتجنب الضرائب العقارية؟

لقد تراجع الرئيس أوباما في عام الانتخابات عن موقفه بشأن قانون "الحلم"، وقرر فجأة في عام 2012 أنه في الواقع كانت لديه السلطة التنفيذية التي تخول له أن يصدر أمراً بالعفو دون موافقة الكونغرس، لمن جاءوا بطريقة غير مشروعة، بينما تجنب الأطفال في المدرسة أو من انضموا إلى الجيش، الاعتقال وبالتالي فهم أجدر بالمواطنة.

ولكن لماذا لا يتم جعل قانون "الحلم" للرئيس ضمن الصفقة الكبرى بشأن الهجرة؟ بمجرد الموافقة على أننا لدينا القدرة على تمييز الرعايا الأجانب الذين يستحقون العفو، فمن المؤكد أننا لدينا أيضاً القدرة على تحديد الذين لا يستوفون المعايير المتفق عليها.

فلماذا، إذن، لا يمكن أن يسمح المحافظون بطريقة للحصول على الجنسية بالنسبة للملايين الذين يلتزمون بالقواعد، وتنطبق عليهم الشروط، في حين يتم فرض قانون "اللاحلم" على الآخرين الذين وصلوا، أخيراً، بطريقة غير مشروعة، والمسجلين ويعيشون على الدعم العام، أو أنهم أدينوا بجريمة؟ فمن يمكنه الاعتراض على هذه التسوية العادلة؟

أحد الموضوعات الرائعة لحملة أوباما في 2012، كان إجبار الجمهوريين، من حيث المبدأ، على معارضة منهجية لمعظم الأشياء التي كانت الإدارة تريدهم أن يعارضوها.

والآن، وبحكم كونهم مهزومين، ينبغي أن يوافق الجمهوريون على السماح بسير الأمور حيثما تشاء الإدارة دون اعتبار للعواقب، أي فرض ضريبة على الأغنياء بشكل حقيقي فقط، ومكافأة المهاجرين غير الشرعيين الذين يستحقون ذلك بشكل فعلي، وعدم إعفاء أي شخص من قانون "أوباماكير".. لا شيء يمكن أن يكون أكثر عدالة أو أكثر مساواة من ذلك.

 

Email