قراءة خليجية في المائة يوم الأولى للرئيس مرسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجذب الأيام التي يقضيها الرئيس محمد مرسي في سدة الحكم اهتمام ليس فقط المصريين الذين يأملون الكثير من رئيسهم الجديد بل أيضاً اهتمام الدول الأخرى بما فيها الدول الخليجية التي تأمل من الرئيس المصري بأن يكون أكثر تعاوناً معها.

فإذا كان المصريون راضين عن المائة اليوم الأولى من فترة حكم الرئيس مرسي في مصر فإن الخليجيين بشكل عام لا يقلون رضا عن إخوانهم المصريين في نظرتهم إلى الرئيس مرسي وسياسته الخارجية خلال المائة يوم الأولى من ولايته لاسيما في المسائل التي تهمهم.

مرسي ظل خلال المائة يوم الأولى متمسكاً بالعلاقة الحيوية التي تجمع مصر بدول الخليج العربي، لذلك كانت أول زيارة له لخارج مصر هي لدولة خليجية هي المملكة العربية السعودية. ففي هذه الزيارة دلالات كثيرة تصب جميعها في حرص الرئيس الجديد على التأكيد على أن دول الخليج العربي محورية لمصر وعلاقتها بها لن تتراجع بسبب تغيير النظام السياسي.

فزيارة مرسي للسعودية دليل واضح على أن مصر الجديدة ستظل عربية الهوى السياسي في مواجهة بعض الأصوات المصرية التي دعت الرئيس الجديد بجعل أفريقيا قبلته الأولى. لكن تفضيل الرئيس مرسي للسعودية هو رسالة واضحة إلى أهمية دول الخليج في أجندة مصر الخارجية. وعليه فإن زيارته كانت رسالة تطمين واضحة للخليجيين الذين تلقفوها بطمأنينة وترحاب.

وإن كانت الزيارة للمملكة هي أهم خطوة لإبراز أهمية الخليج في أجندة الرئيس المصري الجديد الخارجية إلا أن تصريحه قبل الزيارة بأن أمن الخليج خط أحمر أضاف طمأنة أكبر لدى الخليجيين من الخط العام الذي ستسير عليه مصر الجديدة.

فمصر ظلت طوال السنوات السابقة داعمة لدول الخليج ومواقفها السياسية ورافضة لكل التهديدات التي تأتيها من الداخل والخارج، الأمر الذي جعل مواقف مصر لا تقدر بثمن عند الخليجيين. فأصبحت لمصر ولقيادة مصر مكانة خاصة في نفوس الخليجيين.

فعندما جاءت الثورة الجديدة وأطاحت بالرئيس السابق محمد حسني مبارك كان التخوف الخليجي من مغبة التحول المصري نحو سياسة خارجية لا تُثمن أهمية الخليج لمصر وتبتعد عن الوقوف مع دوله، لذلك تعالت الأصوات الخليجية المتخوفة من حالة الغموض.

إلا أن زيارة الرئيس مرسي للمملكة وتصريحه بأن أمن الخليج خط أحمر أعاد الطمأنينة لنفوس الخليجيين الذين أصبحوا أكثر ترحيباً بالخط العام الذي يسير عليه الرئيس مرسي في سياسته الخارجية لاسيما تجاه ما يهم منطقة الخليج. ويضاف إلى ذلك أن المائة يوم الأولى من فترة الرئيس مرسي لم تشهد اتخاذ سياسات جذرية تغير من السياسة الخارجية المصرية.

فليس هناك خلال المائة يوم الأولى ما يشير إلى تغيير في السياسة الخارجية المصرية تجاه إيران والذي من شأنه أن يهدد مصالح دول الخليج، وليس هناك ما يشير إلى تغيير في السياسة الخارجية المصرية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية والغرب والذي من شأنه أن يثير مخاوف دول الخليج العربية، وليس هناك ما يشير إلى تدخل مصري في الشأن السياسي الداخلي لدول الخليج العربية والذي من شأنه أن يهدد مصالح الدول الخليجية، وليس هناك ما يشير إلى انتقادات من الرئاسة المصرية إلى السياسات الخارجية أو الداخلية الخليجية والذي من شأنه أن يؤدي إلى تعارض في المواقف بين الطرفين.

لذلك نستطيع القول بأن الرئاسة المصرية قد حازت خلال المائة يوم الأولى على درجة عالية من الرضا الخليجي، وربما الإخفاق الوحيد الذي أثار مخاوف دول الخليج العربية خلال الفترة السابقة لم يأت من مؤسسة الرئاسة بل من المؤسسة العسكرية من جهة ومؤسسة تنظيم الإخوان المسلمين من جهة أخرى.

فالمؤسسة العسكرية هي التي سمحت للسفن الحربية الإيرانية بعبور قناة السويس لتزويد نظام بشار الأسد بالسلاح لقتل مواطنيه، وهي سابقة مصرية لكنها حدثت قبل مجيء الرئيس مرسي، إلا أن ما قد يؤخذ على الرئيس المصري هو إبقاؤها وعدم تغيرها بعد مجيئه إلى سدة الرئاسة.

أما عن مؤسسة تنظيم الإخوان فإن بعض الشواهد تشير على أن هذه المؤسسة لها ضلع في تأجيج إخوان الخليج كما حدث في دولة الإمارات حيث تشير الدلائل إلى تحفيز تنظيم الإخوان المصري لإخوان الإمارات على إبراز صوتهم بشكل عال للمطالبة بالإصلاح في دولة الإمارات، وهو ما يعد تدخلاً صارخاً في شؤون دولة عربية أخرى بحجم دولة الإمارات التي تكن قيادتها وشعبها كل التقدير والاحترام للقيادة والشعب المصري.

دول الخليج تتطلع لمستقبل مصر بعين من التفاؤل بأن ما جرى خلال المائة يوم الأولى من سياسة خارجية للرئيس مرسي - لاسيما تجاه دول الخليج العربي - تكون هي الخطوط العامة الحاكمة لسياسته خلال فترة رئاسته، وتتطلع إلى أن يكون للرئيس كلمته في وضع حد للتوغل الإيراني في الشأن العربي من خلال منع السفن الحربية الإيرانية المتوجهة إلى سوريا من المرور عبر قناة السويس .

لاسيما في الوقت الراهن على أقل تقدير حيث يُقتل العشرات من الشعب السوري يوميا، وفي وضع حد لتدخلات تنظيم الإخوان المسلمين في شؤون الدول الخليجية باعتبار أن ذلك يضر بمصالح دول عربية ترتبط مصر معها بعلاقات قوية.

 

Email