الإمارات أكبر من أن تُستفز

ت + ت - الحجم الطبيعي

يخطئ من يظن بأن دولة الإمارات العربية المتحدة ضعيفة في تعاملها مع ملف جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران أو أنها مستسلمة فيما يتعلق بهذا الملف. هذا الظن والاعتقاد يحاول الطرف الآخر الترويج له من خلال مواقفه الاستفزازية المتكررة التي يعتقد بأنها قادرة على استفزاز الإمارات، والتي كان أبرزها مؤخراً الزيارة غير المبررة على الإطلاق والتي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران.

والتي كانت طهران تعترف حتى التسعينيات عندما اعتدت على الجزيرة ونقضت الاتفاق - بسيادة إمارة الشارقة عليها من خلال مذكرة التفاهم المشتركة الموقعة بين الجانبين في السبعينيات. زيارة كهذه لا تنم عن نوايا حسنة يحملها من يحاول الإساءة لنا. ونحن نقول إنه لا يصح إلا الصحيح، ومصير الحق هو الرجوع لصاحبه.

 وإذا كان ذلك الآخر يظن أنه قادر على استفزازنا دعني أذكره ببعض الأمور لعلها تنير له بصيرة عقله وتعطيه من الحكمة دروساً علها تنفعه في الدنيا والآخرة.

إن أعظم مكسب لدولة الإمارات العربية المتحدة هو مكسب الحكمة التي تتمتع بها قيادته في التعامل مع الأمور، والتي للأسف الشديد يفتقر لها من يحاول أن يستفزنا من الطرف الآخر، وكأن لسان حاله يقول إنه قادر على استفزازنا. لم تنشأ دولة الإمارات لتكون دولة مثيرة للمشاكل والخلافات، وإنما جاءت كدولة تحمل مشروعاً وطنياً ذا أبعاد إنسانية قوامه الدفع بتحقيق الأمن والسلم العالميين.

وذلك من خلال تبني مشروع تنموي يساهم في دعم الحضارة الإنسانية، وهو ما نجحت في تحقيقه في فترة وجيزة من عمرها السياسي، حتى أصبح يشار إلى اسم الإمارات بالبنان. فيد الإمارات ممدودة للجميع، وخير الإمارات لم يقتصر على بني الإنسان وحسب بل امتد خيرها ليشمل الحيوان أيضاً.

إن من ثوابت سياسة الإمارات هو حل خلافاتها مع العالم الخارجي بالطرق السلمية وبعيداً عن استخدام القوة، فقد كان هذا واضحاً في كافة جوانب الخلافات التي كانت قائمة بين الدولة والدول الأخرى بما فيها قضية الجزر الثلاث المحتلة من قبل إيران.

وهذا الموقف الإماراتي لم يأت عن ضعف بل جاء عن حكمة قوامها أننا أصحاب مشروع حضاري ولسنا دعاة حروب، وهذا المشروع الحضاري بحاجة إلى التعاون مع الجميع وفتح أبوابنا لمن أراد أن يتعاون معنا أو أن يستفيد منا. ولكن الطرف الآخر على ما يبدو أحس بنجاح المشروع الإماراتي فأراد أن يقوضه بإثارة المشاكل باعتبار أنه مشروع منافس لمشروعه الحضاري المدمر.

لم تشأ دولة الإمارات في يوم من الأيام أن تحيد عن مبدئها هذا لسبب وجيه وهو أن هذا المبدأ جاء عن قناعة ووفقاً لحكمة ولم يأت هكذا تعبيراً عن ظروف آنية. ولمن نسي أو تناسى حكمة الإمارات ونيتها الحسنة نُذكره بأنها كانت قادرة على أن تستعيد الجزر الثلاث المحتلة لو أخذت خيار القوة العسكرية التي يعتقدون بأننا لا نمتلكها.

فالتاريخ يشهد بأنه كانت أمامنا فرص لاسترجاع الجزر بالقوة، سواء كان ذلك في بداية نشأة الاتحاد أو عندما بدأت الحرب العراقية- الإيرانية في بداية الثمانينات أو بعد انتهاء تحرير الكويت في بداية التسعينات، ولكن أبعدت الإمارات نفسها عن استثمار تلك الظروف لاسترجاع جزرها المحتلة بداعي قناعتها بأن خلافاتها مع الدول الأخرى لا تحل إلا بالطرق السلمية وأنه ليس في نيتها غير ذلك.

ولكن الغير وللأسف الشديد لا يُقدر ذلك الموقف الحكيم الذي اتبعته الدولة كنهج أساسي في سياستها الخارجية. وحتى اليوم الإمارات ليست ضعيفة، فقوة سلاحها الجوي قادرة بما لديها من تكنولوجيا عسكرية متقدمة جداً على تحقيق أهداف عسكرية كبيرة بما فيها دحر المحتل من الجزر الثلاث المحتلة.

نعم الإمارات قادرة ولكن ثوابتها تمنع عليها أن تتوجه ذلك التوجه، ولكن للأسف ان الطرف الآخر لا يُقدر ذلك، ولا يُقدر الانفتاح الكبير الذي تقدمه الإمارات له.

واستعدادها للتعاون معه في كافة المجالات. إن الإمارات حكومة وشعباً لم ترفع في يوم من الأيام شعارات، ولم توجه ادعاءات ولم تهدد أحداً في أحقيتها في الجزر الثلاث، بل على العكس نجدها عقلانية التوجه وكل تصريح حكومي أو شعبي يتحدث عن رغبة إماراتية في حل الخلاف سلمياً عبر التفاوض أو التحكيم.

معادلة الإمارات سهلة وبسيطة جداً وبعيدة كل البعد عن الضوضاء والغوغائية، معادلتها تقول فلنجلس معاً لحل الخلاف أو لنذهب إلى محكمة العدل الدولية، وعندها يأخذ كل صاحب حق حقه بلا زيادة ولا نقصان، فما الخوف إذاً في سماع كلمة الحق؟!

الإمارات قصة نجاح منقطعة النظير في منطقة لم تعرف الهدوء والاستقرار. فهي أكبر من كل ما يمكن أن يفعل من أشخاص لا يريدون للأمور أن تسير في اتجاهها الصحيح، وهي أكبر من أن تُستفز، فالاستفزاز سلاح الضعيف أما القوي فسلاحه مقاومة الاستفزاز.

ولعلنا نُذكر من يدعون بأنهم خلفاء ومسؤولون عن الإسلام ووحدة المسلمين بالحديث الشريف لخير الأنام «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه»، ولعل في أخذ أرض المسلم بالعدوان ظلماً لا يرضى عنه الله ولا رسوله، فكيف لنا أن نصدق ما ترفعونه من شعارات إسلامية ؟!.

Email