إيران والمنطقة في عين العاصفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

دق عجوز السياسة الإسرائيلي "شمعون بيريز" جرس الإنذار على إيران، بشأن ترجيح الحل العسكري للملف النووي والنظام الإيرانيين. أعلن أن إسرائيل يمكن أن تبدأ أو تقود الهجوم على إيران، في محاولة مبدئية لتخليص إيران من قدراتها النووية السلمية، والعسكرية المحتملة. إسرائيل معروفة بامتلاكها سلاحاً جوياً ضارباً متطوراً بدعم غربي، أميركي، جوهري من جهة السلاح والعتاد والمعلومات الاستخبارية. الأخيرة تأتيها عبر تقارير مدعومة بصور من الأقمار الصناعية الأميركية و"المؤسرلة"، على مدار الساعة.

على الرغم من كبر حجم الديمغرافيا الإيرانية والتسلح المتوقع، إلا أنها تواجه وضعاً مشابهاً تقريباً للعراق قبل الغزو الأميركي. الحصار المُحكم يزداد ضراوةً وقضماً لقدراتها المختلفة يوماً بعد يوم. إيران محاصرة سياسياً وإعلامياً من كافة الجهات تقريباً. هنالك مجموعة من الحكومات في المنطقة والعالم باتت تتبع، طوعاً أو كرهاً، سياسة تشديد الحصار الغربية، وبالذات الأميركية. إلى جانب عزلتها الدولية المتزايدة، هنالك تفاقم في أوضاع الداخل. تفاقم ناجم عن الحصار، يؤدي إلى احتمال حصول تمرد للأقليات الإثنية، في حال التعرض لهجوم خارجي قاسٍ، ولو بشكل محدود.

حلفاء إيران الدوليون المفترضون، يتم الاستفراد بهم وعزلهم والتخلص منهم، في الجوار القريب والبعيد. لم يبق لدى إيران من دعم أو سند ذي أهمية عسكرية أو سياسية. هنالك كتل بشرية مبعثرة هنا وهناك، هذه لا يمكن الركون إليها أمام غطرسة دولية ذات قوة عسكرية منظمة واستراتيجية. الإعلام القريب والبعيد تم توظيفه "لوحشنة" سمعة النظام الإيراني، حتى لدى أنصاره في الداخل والخارج. الحكم في إيران سهل الاستهداف إعلامياً، بسبب اعتماده المذهب أساساً ومنطلقاً للتعامل مع القضايا المحلية والخارجية الدولية.

واقعياً وعملياً قد تدفع المنطقة المحيطة والعالم ثمناً باهظاً نتيجة التورط مع إيران، الدولة والأمة والحضارة والأيديولوجية. توجيه إسرائيل ضربةً ضد إيران، سيؤدي إلى رد فعل إيراني قد يكون مفاجئاً حاسماً أو انتحارياً. سيتجلى هذا السيناريو في حال امتلاك إيران سلاحاً تدميرياً فعالاً، قد يؤدي إلى وضع حد نهائي للغطرسة الإسرائيلية في المنطقة، وربما يأتي على الوجود الإسرائيلي الديمغرافي بأكمله. هذا إذا ما صدقت تصريحات الزعامة الإيرانية، بأن هجوماً إسرائيلياً سوف يؤدي إلى وقوع رد تدميري غير مسبوق. ذلك ما يفتح الباب لاستعمال أسلحة غير تقليدية، قد يمتد تأثيرها لدول أخرى في الجوار القريب والبعيد. إسرائيل من جانبها مزودة بترسانة "جهنمية" من الأسلحة السرية والعلنية، قد تلجأ لاستخدامها.

الغرب بقيادة الولايات المتحدة، لن يقف مكتوف الأيدي عندما يرى إسرائيل تواجه مصيراً كارثياً. قد يقدم على تنفيذ التزامات تقليدية تختص بدعم وجود وأمن إسرائيل، باستخدام أسلحة تحسم الحرب بسرعة وسهولة! هنالك احتمال لتحرك قوى دولية مؤثرة، مثل روسيا والصين وغيرهما، ضد الهجوم على إيران. يؤدي ذلك إلى مواجهة دولية طويلة الأمد بين القوى الدولية العظمى، ولكل أنصارها وأتباعها عبر العالم. العالم الإسلامي على ضعفه العسكري وتفرقه السياسي، لن يبقى على الحياد، خاصةً عندما يرى إسرائيل تقود عملياً ضربةً استراتيجيةً لإيران.

من المؤسف حقاً استمرار اعتماد الغرب على كيان منبوذ سياسياً وجماهيرياً وفكرياً دولياً مثل الكيان الإسرائيلي، لتنفيذ أجندة دولية لا تعزز الأمن والسلم الدوليين. من السهولة بمكان على إسرائيل تنفيذ ضربة جوية محدودة، ضد أماكن تمركز القدرات النووية الإيرانية، لكن من الاستحالة بمكان التكهن بمصير المنطقة، ومآل أوضاع العالم على المدى القريب والبعيد.

البدء بهجوم على إيران خطأ فادح أصلاً، بسبب انعدام الأسس والمبررات الحقيقية العملية الهادفة إلى تخليص إيران من قدراتها التقنية، وفي مقدمتها النووية السلمية.

حتى لو نجح الغرب وإسرائيل في الحل العسكري، فإن ذلك سيخلق بؤرة عدم استقرار أخرى في المنطقة. هذه تضاف إلى جانب الموجود في أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن وغيرها. سيؤثر ذلك بشكل قوي، على الأوضاع الهشة في تركيا وباكستان ومنطقة الخليج والجزيرة العربية وغيرها من المناطق. خوف (فوبيا) الغرب من إيران والحرص على أمن إسرائيل، قد يؤديان إلى تخريب وتدمير أجزاء واسعة ومتعددة في المنطقة وعبر العالم.

 

Email