حوار المجلس الوطني.. ردٌّ على رد

شكراً للأخ الكريم، بو يوسف، عبد الله الشرهان، على التعليق الذي نشره في «البيان» يوم الخميس الماضي 22 من الشهر الجاري، ويبدو أن أبا يوسف ظن بأني عنيتـه شخصياً في مقالي يوم الخميس 15 سبتمبر.. وكنت قد تحاشيت في المقال سالف الذكر، أن أشير إلى أسماء المتحاورين في إحدى الفضائيات، التي جرى الحوار فيها.. وفي واقع الأمر فإني عنيت نصوص الحوار أكثر من الأشخاص الذين اشتركوا في الحوار، والذين أكنّ لهم كل احترام وتقدير..

وكان الغرض الأساسي الذي توخيته وذهبت إليه في مناقشتي المنشورة عن ذلك الحوار، هو أن أبيـّن أن طرح الحوار والتطرق إلى أي موضوع سياسي واجتماعي واقتصادي، أمر ممكن في وسائل الإعلام المتاحة محلـّياً في الإمارات.

وخاصة الحوار حول المجلس الوطني، الذي هو محور المناقشات العديدة الدائرة هذه الأيام، سواء عن طريق الكتابة في الصحف، أو في وسائل الإعلام الأخرى.. والدليل على ذلك أن أبا يوسف، الأخ عبد الله الشرهان، وهو سياسي مخضرم معروف، وصاحب أسلوب حواري عقلاني، نشرت له «البيان» ردّه على مقالي المشار إليه، دون تردد..

إذاً، هاجس الخوف من أن أي نقاش حول الأمور التي تهم المصلحة العامة يتعرض للإهمال من قبل الوسائل الإعلامية المحلية، هذا الهاجس ليس بالأمر الواقع، وهو هاجس افتراضي، وظني من الشخص المتخوف نفسه.. ناهيك عن أن العريضة التي جاء ذكرها في الحوار التلفزيوني، نشرت من قبل الصحف، وتناولتها وسائل الإعلام المختلفة.

ولم نسمع أن أحداً من الموقعين على العريضة، وأبرز هؤلاء الأستاذ بو يوسف، تمّت محاسبته على ما تضمنته العريضة.. فكل ما سمعناه من بعض الجهات الرسمية، هو تعليق هادئ وغير منفعل، وهو أن توقيت تقديم العريضة، وكذلك الطريقة التي سُلـِّمت العريضة بموجبها، لم تكن مناسبة، خاصة وأن الدولة ماضية ومصمّمة على تطوير العمل النيابي في الدولة، في ذات الوقت التي قدمت فيه العريضة..

ومن هنا يتبين أنه ليس هناك اعتراض كما قلنا، على العريضة وأسلوبها، الذي يتسم في رأيي بالاعتدال، لا سيما أن وجود أشخاص عرفوا بالاعتدال كالأستاذ بو يوسف، عبد الله الشرهان، وأمثاله من المتزنين، قد غطـّى على أسماء اتسمت طباعها بالأدلجة والتشنجيّة في الاتجاه السياسي..

ومن نافلة القول، أنه من حق كل إنسان أن يطالب بالإصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، طالما كان أسلوب المطالبة حضارياً ومتزناً، ولا يقصد إثارة النزاعات الأيديولوجية والفئوية الضارة بمصلحة البلد.. وعلى كل هؤلاء أن يقروا بأنه من حق الآخرين أيضاً الاعتراض عليها، واقتراح البديل النافع.. كما أن على هؤلاء أن يعرفوا أن رأيهم ليس مما لا يأتيه الباطل، وأن أغلب الناس ليس معهم في مطالباتهم بالتعجيل، وعدم اتباع التدرجية في تطوير هيكلية المجلس الوطني..

ولا بد أن نقر أن المسائل السياسية ليست من الثوابت، وأية تجربة سياسية لها قيمتها.. وأعتقد أن التجربة التي تمر بها الإمارات في الأمور التشريعية، تأخذ بعين الاعتبار مصالح البلد ومصالح الناس، في حاضرها ومستقبلها.. وأن التجربة التدرجية في تطوير المؤسسات التشريعية، جديرة بالدراسة وبالعناية..

كما أعتقد أن التجارب الأخرى في المنطقة الخليجية التي تم فيها القفز على الحواجز، ولم تمشِ بالتدرج من مرحلة إلى أخرى، تجارب لم تحقق المنافع المرجوة، وظهرت في المجتمع الخليجي المتجانس نتوءات من الفئوية البغيضة، نسأل الله تعالى أن يقينا من شرورها، وأن يجعل من تجربة الإمارات هي التجربة المثلى للاقتداء.

 

الأكثر مشاركة