الشباب وضرورة الدمج بين الثورة والسياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أهم الجوانب التي يجب أن يتداركها شباب الثورة المصرية الآن، هو ضرورة الدمج بين الثورة والسياسة وعدم الفصل بينهما. لقد نجحت الثورة بالـتأكيد، وحققت بعض ما تريد، لكن أمامها جوانب كثيرة لم تتحقق بعد. وحتى تتحقق هذه الجوانب، فإنه من الضروري ممارسة السياسة والوعي الناضج بالمصالح ومتطلبات التحول، خصوصا في ظل وجود العديد من التيارات السياسية المختلفة، سواء الوطنية أو الانتهازية. وتشمل هذه المتطلبات العديد من الجوانب التي يمكن تحديدها على النحو التالي:

‬1. إن من أهم الجوانب التي يجب أن يهتم بها الشباب الآن، مستفيدين من زخم الثورة، هو التأطير الحزبي والسياسي الذي يكفل لهم كسب الأعضاء وتحديد أيديولوجيات العمل القادمة. فمن دون هذا التأطير سوف يخفت الزخم الثوري دون تحويله لقاعدة جماهيرية حقيقية ترتبط بالشباب وتحقق مطالبهم. يجب تأسيس حزب سياسي مُعلن رسميا للشباب تحت أي مسمى، يعكس الدور الريادي الهائل للشباب في الثورة ويمثل قاعدة للانطلاق نحو العمل الجماهيري.

‬2. تأسيس قاعدة توعية واسعة للجماهير في أنحاء مصر، من خلال الدور الذي يقوم به الشباب، وذلك عبر استخدام الإنترنت والمنتديات الخاصة بها. ويعني ذلك الإعلان عن هذه الحملات عبر الإنترنت، بحيث يقوم الشباب بممارسة هذا الدور عبر الحياة اليومية للمحيطين بهم. إن أهمية هذا المستوى من التوعية، أنه يقفل الباب أمام أية تيارات أخرى تحاول أن تستغل الدعايات في استقطاب الناس وتوجيههم إلى ما يناقض أهداف الثورة ومنطلقاتها، أيا كانت طبيعة هذا التوجيه.

‬3. إن أهمية التوعية الشبابية أنها سوف تنطلق من قيمة مصر الوطن، وجعلها فوق أية توجهات أخرى. ويجب في هذا السياق التركيز على أهمية الإنسان المصري، ورفع رأسه عاليا أمام القوى المضادة التي لا هم لها سوى الحفاظ على مصر الراكدة الهامدة والتابعة.

‬4. لا يعني ذلك الانفصال عن المفكرين والقيادات الأخرى من الأجيال الأكبر، وعن أية توجهات سياسية وأيديولوجية أخرى، بل يجب الارتباط بها والاستفادة منها، شريطة كسر التابوهات المرتمية في أحضان النزعات الأبوية وما ارتبط بها من كوارث، بما في ذلك بعض رجال الدين أيا كانت أهميتهم وحجم الدعاية المرتبطة بهم.

‬5. من الأهمية بمكان أن يرتبط مشروع الشباب السياسي بالحياة اليومية للمصريين، فالكثير من المصريين يعانون بلا شك من أوجاع الفقر ونقص الاحتياجات اليومية، فإذا أمكنت المساعدة عبر هذه الجانب، فإنه بلا شك سوف يساعد بدرجة كبيرة على كسب الكثير من المواطنين، شريطة ألا يتم ذلك بدون التأكيد على أحقية المواطن في ما يحصل عليه؛ بمعنى ألا يتم ذلك من موقع نخبوي من جانب الشباب، بقدر ما يتم في إطار تكريس المساواة والمواطنة.

‬6. التواصل الدائم مع طلاب وطالبات الجامعة، والعمل على اكتسابهم في صف شباب الثورة وأطرهم الحزبية القادمة. فمن الضروري أن تتأسس قاعدة جامعية للثورة، تمثل عامل ضغط دائم على النظام حال تخليه عما ترتئيه الثورة.

‬7. إن الصراع القادم لا محالة مع المنتمين للاتجاهات الأصولية، مسلمين أو مسيحيين، يستدعي قدرا كبيرا من الحنكة والتعامل بحذر مع السياق المجتمعي العام، الذي قد يستفيد منه بعض التوجهات دون غيرها، بغض النظر عما تُحدثه من فارق حقيقي في المسار المجتمعي العام.

‬8. التأكيد على أن إلصاق صفة الشباب بالثورة، لا يعني قلة الخبرة وعدم القدرة على القيادة مثلما يروج البعض، فالصفة أقرب للحركية والوعي الجديد النابض الأكثر قدرة على التغيير. وتحيل هذه المسألة إلى أهمية التأكيد على فتح الباب أمام الخبرات الشابة لتولي مهام المرحلة القادمة، دون مواربة أو تباطؤ أو خوف.

‬9. ضرورة تعبير الثورة بشكل واضح عن رؤاها الخاصة بالتوجهات الإقليمية والدولية، فهذا الإعلان يُكسبها زخما قوميا وتأثيرا إقليميا واضحا، خصوصا إذا ما ارتأت الوقوف مع الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة، وإذا ما وقفت مع حقوق الشعوب المهضومة حول العالم.

‬10. لا يجب الحديث الدائم من جانب المتحدثين باسم الثورة عن أنهم بلا قادة، بل يجب الحديث عن القادة الرمزيين من الشهداء، والقادة الحقيقيين الآن. وحتى لو تضخمت القائمة، فإنه لا توجد ثورة من دون قادة، أو على الأقل دون محركين وموجهين. فهذا ليس وقت التواضع وإنكار الذات، إنه وقت التقدم والتعبير عن إمكانية القيام بالمهام الكثيرة الهائلة.. والله الموفق والمستعان.

 

Email