ستاتيكو الفراغ يطال كل شيء ولا بداية حلول قبل... الربيع

ت + ت - الحجم الطبيعي

إنها لوحة سوريالية بامتياز: لبنان البلد الصغير، الخالي من أي موارد، والفارغ من المؤسسات، يجاهر بعض مسؤوليه بالتفاؤل. واميركا الدولة العظمى، الواضعة يدها على معظم موارد العالم، أو المتحكمة بها، قد يجد رئيسها انه لن يقبض راتبه آخر الشهر!

التفاؤل اللبناني يروِّج له رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي شدد أمام وفد الهيئات الإقتصادية الذي زاره على عدم التمادي في التشاؤم برغم الأجواء القائمة وتعطيل المؤسسات، معتبراً أن لبنان الأفضل نسبياً في المنطقة برغم حقيقة ما يشكو منه، وهو يتمتع بقرار مصدره الشعب والقيادات والطوائف والجهات والمناطق والفئات، وهو عدم التقاتل وعدم العودة إلى الحروب العبثية كما حصل في 1958 و1975، والمأزق الآن هو سياسي وسينجلي في القريب، وسيخسر من لم يراهن على ازدهار لبنان.

لا يُعرَف ما هي الإعتبارات التي ينطلق منها رئيس السلطة التشريعية ليتحدَّث عن رهانه التفاؤلي، لكنه يبقى أفضل من غيره لأنه يُعطي جرعة دعم ولو معنوية للبلد وكأنه يقول للناس:
أصمدوا ولو لأشهر لأن التغيير آتٍ.

لا يتكلَّم الرئيس بري من فراغ، بل لتفادي الفراغ، فهو يُدرِك أكثر من غيره بواقع البلد ومؤسساته وإداراته. يُدرِك بأن التطورات تدفع بكل شيء نحو هاوية الفراغ، لكنه رغم ذلك يواصل بث التفاؤل لأنه يعرف أن الفراغ مرتبطٌ بالظروف الراهنة وليس بما بعد بضعة شهور.

لا أحد يريد ملء الفراغ في الوقت الراهن لأنه يعترف أن الشغور لن يطول كثيراً، فالهَمُّ الأساسي يتركَّز على كيفية الوصول إلى الإستحقاق الرئاسي في ظروف سلسة وليس في ظل تحديات متبادلة، لكن تقطيع المرحلة شيء والعمل من جانب البعض لإحراق الأسماء شيءٌ آخر، وفي هذا المجال يقول المُطَّلعون إن معركة الرئاسة لم تٌفتَح إلا في أذهان بعض المُستَعجِلين الذين لا شغل لهم ولا عمل في المرحلة الراهنة سوى إحراق أي إسمٍ يُطرَح أمامهم. ويتابع المُطَّلعون:

بدلاً من التلهي بملفٍ يتّخذ صفة المُؤجَّل، لماذا لا يتم التطلع إلى الملفات التي تتخذ صفة المعجَّل والتي في طليعتها ملف النازحين الذي بدأ يتخذ طابع القنبلة الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة، وهذا الكلام قاله رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، في محاضرةٍ له في واشنطن لفت فيها إلى الإنعكاسات السلبية لإزدياد أَعداد النازحين السوريين إلى لبنان، فقال:

على سبيل المقارنة ان لبنان يستقبل اليوم 760 ألف نازح سوري، ما يعادل استقبال الولايات المتحدة 56 مليون نازح، ويختم بعد أن يستعرض الوضع المأسوي:

لا بد من القيام بالمزيد من أجل لبنان لتفادي الكارثة.

هل هناك أبلغ وأدق من توصيف الوضع بأنه كارثة؟

ألا يستدعي هذا الأمر التفكير بحلول للأزمات القائمة بدلاً من إفتعال أزمة إنتخابات الرئاسة قبل أوانها؟

لا بد من محاولة الحفاظ على الستاتيكو القائم من اليوم ولغاية ستة أشهر، وبعدها يمكن إعادة ملء الفراغ في الإدارات والمؤسسات بغية إنطلاق الدولة من جديد، فاليوم لا إمكانية للقيام بأي شيء سوى الحفاظ على المراوحة.
 

Email