اميركا ...والسقف الزمني للمفاوضات

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المعروف ان الاتصالات التي سبقت الاتفاق على استئناف المفاوضات رغم استمرار الاستيطان، حددت سقفا زمنيا بين ٦ او ٩ اشهر لابد خلالها من التوصل الى اتفاق سلام نهائي، وكان هذا احد اسباب القبول الفلسطيني بالدخول في هذه التجربة الجديدة من التفاوض.

ومن الواضح حتى اليوم ان اسرائيل لا تتجه نحو تسوية كهذه ولا تبدي اي اهتمام جدي بالتوصل الى اتفاق يلبي مطالب المجتمع الدولي المؤيدة للموقف الفلسطيني باقامة دولة على مرجعية حزيران ١٩٦٧، وتشير كل المعطيات وتوقعات كل المراقبين والمطالعين على سير المفاوضات انها تسير في طريق مسدود لان اسرائيل ترفض فكرة تبادل الاراضي وتصر في المقابل على ممارسة كل سياساتها المنافية والمعطلة لأي اتفاق، فالاستيطان لا يتوقف وكذلك عملية تهويد القدس وتهجير المواطنين ومصادرة اراضيهم والتمسك بالكتل الاستيطانية الكبيرة والكثيرة في الضفة وكذلك تتمسك بما تسميه "السيطرة الامنية" على منطقةالاغوار وكذلك تقطيع اوصال الضفة بالطرق والمناطق العسكرية، بالاضافة للممارسات السابقة، وهذه الحقائق تجعل الحل المرغوب غير ممكن وغير واقعي لان مرجعية حزيران ١٩٦٧ غائبة وحتى التواصل بين مناطق الضفة لم يعد قائما.

على ضوء هذا الواقع وهذه المعطيات فان السؤال الاساسي يتعلق بالراعي الرئيسي لهذه المفاوضات وهو الولايات المتحدة وموقفها من الآفاق المغلقة للحل وكيف ستتصرف ازاء ذلك. لقد التقى بالامس الرئيس الاميركي اوباما برئيس وزراء اسرائيل نتانياهو وبحثا معا ملف المفاوضات وكذلك التقارب الاميركي الايراني. وكان اوباما واضحا في ما يتعلق بايران حيث اكد انه راغم التقارب فان الخيار العسكري لمنع طهران من امتلاك اسلحة نووية ما يزال قائما وان واشنطن تدعم اسرائيل وتتفهم مخاوفها من هذا الامر.

إلا ن اوباما لم يكن في المستوى نفسه من الوضوح وهو يتحدث عن المفاوضات واكتفى بالدعوة الى اجراء مفاوضات "جيدة" واشار الى السقف الزمني المحدد لها، دون ان يطالب فعلا بأهمية التوصل الى اتفاق خلال فترة السقف الزمني هذه، ولم تتسرب حتى مساء امس، اية معلومات عما دار في الجلسات المغلقة بين الجانبين.

ان الانفراج الحاصل في العلاقات مع ايران واقتراب الحل السياسي في سوريا او الانفراج النسبي في هذا الملف ايضا، يحتم على اميركا ان تبادر قولا وفعلا الى حلحلة الوضع المعقد والمتأزم في القضية الفلسطينية واجبار الجانب المعطل وهو اسرائيل، على التجاوب مع مساعي السلام والتخلي عن اطماع التوسع والغطرسة العسكرية التي تعمي ابصار قادتها وتدعهم لا يفكرون الا من منطق القوة وجنون التجاهل لكل مساعي السلام، حيث يبدو الرأي العام والحزبي في اسرائيل مؤيدا اكثر الى وقف المفاوضات وليس التخلي عن الاطماع والاستجابة لصوت العدل والاستقرار والعيش الآمن والتعاون بدل تعميق العنف والتطرف.

فهل تسمع واشنطن ام تظل هي الاخرى اسيرة لقوى الضغط الاسرائيلية واليهودية داخل اميركا نفسها ويمضي السقف الزمني بدون نتائج ؟ !
 

Email