طريق سلسلة الرتب والرواتب لا تمرّ في نيويورك

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الدنيا هناك مصادفات غريبة تسمو إلى مستوى الأقدار، وهي تتخطَّى أحياناً المعادلات الحسابية بحيث لا تعود مفهومة في توقيتها.

من هذه المصادفات أن الحكومة أحالت في الحادي والعشرين من آذار الفائت سلسلة الرتب والرواتب إلى المجلس النيابي، وفي الثاني والعشرين منه، أي بعد أربعٍ وعشرين ساعة على الإحالة قدَّم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استقالة حكومته، ومنذ ذلك التاريخ والسلسلة تترنَّح في أروقة ساحة النجمة.

الرئيس ميقاتي أقدم على خطوته، إحالة السلسلة، قبل أربعٍ وعشرين ساعة على الإستقالة، كأنه كان يقول أشهدُ أني أحلت، ولئلا يُقال عنه إنه تهرَّب من المسؤولية. لكنه هل كان يعلم أن تأخير تشكيل الحكومة سيستغرق كل هذا الوقت، من ربيع السلطة التنفيذية الإستقالة في آذار، إلى خريفها محاولات التشكيل في أيلول وما بعده؟

بعد كل هذا التعجيز في التشكيل، وجد الرئيس ميقاتي نفسه أمام قدر استمرارية عمل السلطة التنفيذية، وهو من أجل ذلك وقَّع مطلع هذا الأسبوع على مشروع مرسوم لإعطاء وزارة المالية سلفة خزينة قيمتها 1210 مليارات ليرة لتأمين العجز من الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد لنهاية العام 2013.

إذاً، نحن مازلنا هنا، سلفات خزينة لتأمين العجز في الرواتب، وليس مشاريع قوانين لإعطاء سلسلة الرتب والرواتب.

إن ما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، هو المحاولات المستميتة لتأمين استمرارية الدولة اللبنانية، من خلال استمرارية تأمين الرواتب لموظفي القطاع العام ومعاشات المتقاعدين. أما عدا ذلك فهو من مسؤولية السلطة التنفيذية التي هي من مسؤولية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلَّف، والتي يبدو أنها ستنتظر إلى ما بعد أيلول، أي إلى انتظار العودة من الرحلة الرئاسية لنيويورك التي ليس فيها سوى تقطيع الوقت أو تضييعه، فالشِق اللبناني من اجتماعات نيويورك كان بالإمكان أن يتولاه وزير الخارجية ووزير الشؤون الإجتماعية، خصوصاً أن الملف المطروح هو ملف النازحين السوريين وكيفية توفير التمويل اللازم لهم. أما عدا ذلك فليس هناك من ضرورة للحضور الرئاسي إلا إذا كان الأمر له علاقة بالرحلات السياحية التي لا تُشكِّل حرجاً بالنسبة إلى القائمين فيها والقيِّمين عليها! 
 

Email