الحرب كما يراها اللبناني وكما يستعد لها

ت + ت - الحجم الطبيعي

لبنان، هذا الوطن الصغير، كبيرٌ بأنه سبَّاق في كل شيء حتى في مواكبة الحرب التي يُتوقَّع أن تقع بين لحظة وأخرى وبين ساعة وأُخرى وبين يومٍ وآخر.

اللبناني كأنه لم يعُد لديه شيءٌ يقوم به غير الدخول إلى غرفة عمليات الحرب رافعاً الستارة عن الخرائط الملوَّنة عن أرض المعركة وبنك الأهداف لصواريخ الكروز والتوماهوك، ومُحدِّداً في رأس الخارطة الساعة الصفر لبدء إطلاق الصواريخ من البوارج في البحر ومن القواعد الأميركية في المنطقة.

هذا عن الجيل المخضرم، أما جيل الإنترنت فاستعاض عن خرائط الحائط بخرائط غوغل ماب وغوغل أورث حيث من خلال هذا التطبيق يستطيع أن يدخل إلى أي بقعة في العالم.


اللبناني، وكما يُقال بالعامية، ما عندو لا شغلة ولا عملة سوى التدقيق في المعلومات المرافِقَة للإستعداد للحرب، يعرف مثلاً أن خمسين طياراً أميركياً وثلاثين طياراً بريطانياً، وصلوا إلى إحدى الدول وينزلون في أحد فنادقها وينتظرون التعليمات للتحرك إلى طائراتهم في القواعد الأميركية والبريطانية. يعرف اللبناني بفضل متابعته لكبريات المجلات المتخصصة كالفورين افيرز ان الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وفرنسا ودول أخرى في المنطقة، حدَّدت نحو ثمانية وثلاثين هدفاً كيميائياً داخل سوريا. يعرف من خلال الدايلي ميل البريطانية قائمة من الأهداف التي وضعها القادة في الجيش الأميركي والجيش البريطاني، والتي ستُستَهدف بالقنابل الذكية والموجهة بدقة.

وبحسب الدايلي ميل فإن قائمة الأهداف تتضمَّن نظام الدفاع الجوي المتكامل بالإضافة إلى مراكز التحكم والسيطرة والمخابئ، ومحاور الإتصالات والمباني الحكومية، ومواقع الصواريخ وسلاح الجو.


وتُقدِّر الصحيفة أن تستمر العملية ما بين الأربع والعشرين ساعة والثماني والأربعين ساعة.

هكذا يعيش اللبناني توتر الحرب قبل أن تندلع، ويُهيِّئ نفسه للتوتر الأكبر خلال اندلاعها والتوتر الأكبر والأكبر عند انتهائها وتداعياتها على لبنان.

لماذا يهتم اللبناني بالحرب؟

الجواب بسيط، فاللبناني، بلغة العصر، اصبح مُبرمَجاً على التكيُّف مع الحرب، فما إن يسمع بأنها ستندلع فإنه يعمد إلى اتخاذ الإجراءات التي استخدمها منذ عام 1975 حتى 2006 تحديداً.

وبعد، هل نسأل لماذا اللبناني في حال من التوتر؟

وحده اللبناني يشعر بأنه معنيٌّ بها وبدقائقها وبتفاصيلها ولهذا يُحوِّل منزله ومكتبه وربما سيارته إلى غرفة عمليات.

بعد كل هذا العرض والإحتمالات المرتفعة، هل من مكان للعقل؟

هناك عقلٌ لكنه مُسخَّر للحرب وليس للتسويات التي قد تأتي بعد عمليات سيُعرَف من تسميتها مدى حجمها وهل ستذهب إلى الآخر أو ستتوقَّف عند محطة معيّنة هي جنيف 2؟

هذه المرة العِلم ليس عند اللبناني بل عند... أوباما.
 
 

Email