وقع المحظور فماذا بعد؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا لم يكن ما يحصل هو المحظور فماذا يكون المحظور غير ذلك؟ المسألة لم تعد مزاحاً على الإطلاق بل إن لبنان يكاد يدخل في عزلة أين منها عزلة النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي، حين وصف وزير الخارجية الأميركي آنذاك جورج شولتز بيروت بالطاعون، وصُنِّف مطارها من أخطر المطارات في العالم وحُظِّر على طيران الشرق الأوسط الهبوط في المطارات الأميركية، ولا يزال هذا الحظر ساري المفعول حتى اليوم، وتَقلَّص مستوى البعثات الديبلوماسية في لبنان.

بين النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي، واليوم، قرابة الثلاثين عاماً، عادت فيها كل الأمور إلى الوراء، وتحديداً إلى النقطة الصفر، في ظل مخاوف أمنيَّة تضع البلاد برمَّتها على كف عفريت وفي ظل تصاعد المخاوف من ان الأيام الآتية لن تكون بأفضل من الأيام التي تمر.

هذا ليس كمًّا من التشاؤم بل هو قراءةٌ في واقع الحال تستدعي طرح الأسئلة البديهية التالية:

إذا لم يكن هذا هو أوان تشكيل الحكومة فمتى يكون أوانها؟

ماذا ينفع تشكيل الحكومة بعد الخراب؟

وماذا يمكن لها أن تفعل في قلب هذا الخراب؟

وهل ستنتظر الحكومة العتيدة لتولَد لتكون وكيل تفليسة للجمهورية القائمة؟

رئيس حكومة تصريف الأعمال يعتبر نفسه غير مسؤول لأنه مستقيل، وكان يُفتَرَض أن تُشكَّل حكومةٌ جديدة بعد مرسوم التكليف، وكل تأخير في ذلك لا يتحمَّل هو مسؤوليته.

والرئيس المكلَّف يعتبر نفسه غير مسؤول لأن لا حكومة بين يديه ولأنه لا يستطيع أن يمون على شرطي بلدي في الدولة.

وهكذا، بين الإستقالة من المسؤولية من جهة، وعدم الإمساك بها من جهة ثانية، يكاد البلد أن يضيع في خضم تقاذف المسؤوليات.

السؤال هنا:
هل، بعد كل ذلك، بالإمكان القيام بأي شيء؟

هناك وصفة واحدة لا ثاني لها وهي الإسراع في تشكيل الحكومة، فإذا كان لا منزل من دون إدارة ولا قرية من دون إدارة ولا مدينة من دون إدارة، فكيف يكون هناك بلدٌ من دون إدارة؟

إدارة البلد هي سلطته التنفيذية، وهي عملياً الحكومة الكاملة الأوصاف وليست حكومة تصريف الأعمال، وعليه فلا عذر في التأخير أيًا تكن الأسباب والمسببات، فمع الإقتراب من الدخول في شهر أيلول، وهو شهر الإستحقاقات، ماذا سيقول المسؤولون للناس؟

كيف سيواجهون الإستحقاقات من مدارس وجامعات؟

هل يُدركون عدد المؤسسات التي ستدخل في نفق الإفلاسات بعدما راهنت على الصيف فاكتشفت انه سراب بسراب؟

المهل لم تعد مفتوحة لا بالنسبة إلى حكومة تصريف الأعمال ولا بالنسبة إلى الرئيس المكلَّف، فالخطر أسرع من أن ينتظر مراوحتهما.
 

Email