حرائق الأرقام لا تُطفئها الطوافات المستأجرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مَن يتذكَّر من المواطنين والمسؤولين والمقيمين والمغتربين الطوافة الإطفائية؟


هذه الطوافة الإفتراضية كانوا يعدوننا بها في مطلع كل صيف مع ازدهار موسم الحرائق ثم يتلاشى الوعد مع انطفاء الحريق أو انتهاء موسم الصيف.
 

مناسبة الحديث عن هذه الذكرى أو هذه الفضيحة أن حريقاً هائلاً إستمر قرابة الأسبوع في إحدى مناطق الشمال، وقضى على ثروة حرجية كبيرة وعلى أشجار مُعمِّرة، وتذكَّر اللبنانيون الطوافة الإطفائية حين قرأوا أن الحكومة اللبنانية قد تطلب مؤازرة طوافات القوات البريطانية الموجودة في قبرص!


إنها قصة حليمة التي تأبى إلا أن تعود إلى عادتها القديمة، ففي كلفة استئجار الطوافات البريطانية بالإمكان شراء عشر طوافات، فإلى متى سيستمر الضحك على الناس ونقل الوعود من سنة إلى سنة ومن صيف إلى صيف ومن حريق إلى حريق؟

حكاية الطوافة الإطفائية هي واحدة من حكايات الفضيحة في البلد، ويبدو ان وتيرة الفضائح باتت تسير بخطى متسارعة انطلاقاً من الإهتراء الذي يضرب إدارتها.
 

والفضائح الأكبر هي فضائح رقمية، وهنا الرقم لم يعد وجهة نظر كما كان رائجاً ودارجاً، بل أصبح حقيقةً واقعية، ومن هذه الأرقام:
يشير أحد مراكز الدراسات إلى ان نسبة بطالة العمالة في لبنان وصلت اليوم إلى حدود الستين في المئة.


هذه النسبة تضاعفت منذ عامين وحتى اليوم، ففي العام 2011 كانت النسبة ثلاثين في المئة، لكنها قفزت إلى الستين في المئة مع مزاحمة العمالة السورية التي لم تجد مَن يضبطها لمصلحة اليد العاملة اللبنانية.
 

هذا على مستوى اليد العاملة فماذا عن الخريجين الجامعيين؟
في العام 2012، تخرّج في لبنان سبعةٌ وعشرون ألف طالب جامعي، لم يستوعب سوق العمل اللبناني منهم سوى تسعة آلاف، وجد خمسة آلاف منهم فرص عمل في دول الخليج فيما بقي ثلاثة عشر ألف خريج عاطلاً عن العمل.
 

لم تكن السنة الحالية بأحسن من السنة السابقة لا بل كانت أسوأ منها بنسبةٍ كبيرة:
لقد تخرَّج هذا العام ثمانية وعشرون ألف طالب، لكن ما استوعبه سوق العمل منهم كان قليلاً جداً لأن الفائض من السنة الماضية كان كبيراً جداً، كما ان دول الخليج أحجمت عن استيعاب عدد معيَّن منهم بسبب القرارات التي اتخذها مجلس التعاون الخليجي والتي ترفع سقف الشروط لدخول اللبنانيين إلى ممارسة العمل لديها.


هذا الواقع رفع منسوب العاطلين عن العمل بين الخريجين الجامعيين هذه السنة ليُضافوا إلى أعداد العاطلين عن العمل السنة الماضية والسنوات التي سبقت.
 

أرقام مُرعبة، حقائق مخيفة، هل من أحد قادر على قراءتها؟


وإذا ما تمت قراءتها فكيف بالإمكان معالجتها؟
 

الوطن ينزف شبابه وأدمغته، تماماً كما الأحراج تنزف ثروتها الحرجية، فكما الشاب الذي يهاجر يصعب أن يعود، هكذا الشجرة التي تحترق يصعب إيجاد بديل منها!
 

إلى متى سنستمر في استئجار الطوافات لإطفاء حرائقنا، وفي تخريج الأجيال ليبنوا المستقبل في الخارج؟


إنها مأساة السؤال.
 

Email