سباقٌ بين المخاوف الأمنيَّة وبين الجهود المضنية لولادة الحكومة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 هناك نوعان من السياسيين والمسؤولين في لبنان:
نوعٌ منه إذا تكلَّم يذهب كلامه هباء، ونوعٌ إذا تَكلَّم يبقى كلامه في الذاكرة ويتم العمل بموجبه.
 

في المرحلة الأخيرة صدر كلامٌ عن بعض المسؤولين والمعنيين، وهو من نوع الكلام الذي يستدعي التوقف عنده خصوصاً انه يتطرق إلى الوضع الأمني الذي يقض مضاجع اللبنانيين قاطبةً.


الكلام الأول لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أبدى تخوّفه من أن البلد أصبح مكشوفاً أمنياً ولم يعد من الجائز الوقوف بلا حراك أمام الأخطار التي تهددنا والتي يمكن أن تدفع به إلى حافة الهاوية.


الكلام الثاني للواء أشرف ريفي الذي يؤكد أن لا حواجز ولا حدود ولا بحار أو محيطات بين لبنان وسوريا، فحدودنا معها وهمية، وهي لا تعوق دخول مجموعات متطرفة من سوريا، لتحول لبنان إلى أرض جهاد.


لا يكتفي اللواء ريفي بإيراد هذه المعلومات، بل يكشف أنه أبلغها قبل أربعة أشهر وقبيل إحالته بأيام على التقاعد إلى اللجنة الوزارية لشؤون النازحين السوريين، بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وعدد من الوزراء بينهم وزراء من الثامن من آذار.

وأطلعهم على معلومات أمنية محلية وإقليمية ودولية، تحذّر من التخطيط لعمليات أمنية وتحضير سيارات مفخخة، يتحيّن القائمون عليها الوقت المناسب لتحديد ساعة الصفر لتنفيذها، ويختم اللواء ريفي أكدنا ان الوضع يحتاج إلى معالجة سريعة في السياسة وفي الأمن، قبل أن تفلت الأمور وتصبح عصية على المعالجة.

بعد كلامَي الرئيس بري واللواء ريفي هل من شك بعد بأن الوضع الأمني على كف عفاريت وليس على كف عفريت فحسب، فكيف تكون المعالجة؟


في ظل انكشاف البلد أمنياً لا بد من تحصينه سياسياً، وهذا التحصين لا يكون سوى بالتعجيل في تشكيل الحكومة ليُشكِّل بيانها الوزاري خارطة الطريق للمرحلة الراهنة والمقبلة.


لكن هل هذا الأمر في اليد؟ وهل جرى تذليل العقد؟
 

من خلال المؤشرات المتوافرة فإن مسار التشكيل يسير وفق قاعدة إسمع تفرح جرِّب تحزن أو شَكِّل تحزن، ومن التعقيدات ان رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لن يقبل تحت أي اعتبار أن يُمّثَّل بأقل من خمسة وزراء في حكومة من أربعةٍ وعشرين وزيراً، فماذا يبقى لحليفيه السابقين حزب الله وحركة أمل؟


ربما ما يجري هو مناورة، والدليل على ذلك ما قاله أحد نواب التكتل من أننا سنحصل على الثلث الضامن بالمفرق إذا ما تعذر علينا ضمانه بالجملة.


هل هذا يعني أن عملية التشكيل عادت الى المربع الأول؟


ليس بالضرورة، فالمساعي تتقدّم لكنها لم تصل بعد الى مرحلة النضوج.
 

 

Email