احقنوا الدم في الشهر الفضيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما أحوج الأمة العربية وهي تستقبل شهر رمضان المبارك ان تتذكر ان هذا الشهر الفضيل هو شهر القرآن الكريم، شهر الغفران والرحمة والتراحم، شهر التسامح والعفو، شهر الصدقات والبر والاحسان، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، شهر التكافل الاجتماعي الذي يذكرنا بقوله صلى الله عليه وسلم: “مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمى”.

في هذا الشهر الفضيل ندعو قادة الأمة ان يتقوا الله في شعوبهم واوطانهم ويعودوا الى نبع الاسلام الصافي الذي لا يعرف الأحقاد والتشاحن والتباغض، والى نبع العروبة التي توحد ولا تفرق، وان يتركوا الخلافات التي حولت الامة الى فرق واحزاب متناحرة وخنادق متقابلة، ما شجع ديدان الارض على نهش لحمهم الحي، واستباحة مقدساتهم.

ان الشعوب العربية وفي هذا الشهر الفضيل بحاجة ماسة الى كلمة حق توحد الصفوف، وتكنس أحقاد داحس والغبراء، وتنهي الاقتتال بالوكالة، والحروب الأهلية والطائفية التي حولت الامة الى معسكرين متقاتلين متخاصمين، فيما الصهاينة المجرمون يهودون القدس ويستبيحون الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ويحكمون على الشعب الفلسطيني بالنفي الابدي في اربعة رياح الارض.

ندعو قادة الدول الشقيقة الى اعلان هدنة في شهر رمضان المبارك لوقف سفك الدماء في سوريا ومصر والعراق وليبيا والصومال، وكل ارض عربية، ندعوهم الى ان ينتهزوا حلول الشهر الفضيل.. الشهر الحرام للخروج من هذا النفق المظلم الذي وصلت اليه الأمة كلها، وتنذر بليل طويل من خلال كنس الخلافات والعودة الى حضن الامة الدافىء.

ان استعراض المستجدات والمتغيرات الخطيرة التي تعصف بالأمة تؤكد انها مستهدفة، وان اعداءها وخاصة الصهاينة وحلفاءهم حريصون على ان يدفعوا بها الى مستنقع الفوضى الهدامة القاتلة، وبالفعل فما جرى في العراق، وما يجري في سوريا ومصر على وجه التحديد يؤكد ما أشرنا اليه، ويؤكد ان المؤامرات مستمرة، ولن تتوقف بعد اشعال الحرب الطائفية الى ان تنهض الامة من سباتها الطويل، وتعود كما ارادها الباري عز وجل “خير أمة أخرجت للناس” تصنع الاحداث، وتكتب التاريخ.

رغم الليل الحالك الذي يرخي بسدوله من المحيط الى المحيط، الا أننا موقنون تماما بأن هذه الامة التي فجرت الربيع العربي، واذهلت العالم كله بسلمية ثوراتها وتضحيات شعوبها، قادرة على الخروج من النفق المظلم وقادرة على معانقة الحرية والكرامة وتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية والتعددية، واقامة الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدالة والمساواة والانتخابات النزيهة والمواطنة، والاحتكام لصناديق الاقتراع.

مجمل القول : ونحن نتفيأ ظلال شهر رمضان المبارك، ندعو الجميع حكاماً ومحكومين ان يتذكروا دروس وعبر الشهر الكريم، وان يتخذوا منه فرصة باعلان هدنة مفتوحة لوقف سفك الدماء في سوريا ومصر وكل الدول الشقيقة التي تفترسها الخلافات، وندعو قادة هذه الدول ان يتقوا الله في شعوبهم واوطانهم، وان يحترموا ارادة هذه الشعوب وحقها في الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، وتداول السلطة كسبيل وحيد للخروج من النفق المظلم.

حمى الله الاردن وقائد الاردن جلالة الملك الذي استطاع بحكمته وحنكته ان يجنب هذا الحمى العربي الزلازل والفتن.

وكل عام وانتم بخير...
 

Email