لغز الأسير بعدما ظَهَر صوتياً
العالم، والعالم العربي، منهمكان بما جرى ويجري في مصر.
التحديات المتبادلة بين السلطة الجديدة والإخوان المسلمين ترتفع وتيرتها يوماً بعد يوم، فالإخوان يراهنون مجدداً على الشارع في محاولةٍ لقلب الطاولة على الواقع الجديد الذي اعتبروه إنقلاباً عسكرياً وليس أي شيء آخر.
ولم يكتفِ الإخوان بهذا التوصيف بل أعلنوا بدء الثورة الإسلامية ضد الإنقلاب على الشرعية.
إذاً مصر في خِضم التطورات، وستكون لهذه التطورات انعكاساتها ليس على أرض الكنانة فحسب بل على الدول العربية أيضاً، ومن بينها لبنان الذي غرق مجدداً مساء أول من أمس، الخميس، بتطور لم يَخلُ من التشويق وهو لغز التسجيل الصوتي للشيخ أحمد الأسير.
التسجيل لم يأتِ من فراغ ولا هو مصادفة من المصادفات بل إنه في غاية الأهمية والدقة والخطورة لجهة التوقيت والشكل والمضمون.
لجهة التوقيت فإنه جاء مساء الخميس في محاولةٍ لاستنهاض حالة شعبية بعد صلاة الجمعة.
ولجهة الشكل فإنه تعمَّد الغموض لإطلاق سلسلة من التساؤلات حول صحته أو عدم صحته.
أما لجهة المضمون فإنه يُمعِن في إثارة الفتنة لجهة التحريض على الجيش ولجهة تثبيت واقع الخلاف المستشري حتى العداوة مع حزب الله وحركة أمل أيضاً.
لكن أليس من المفارقة أيضاً أن التسجيل الصوتي جاء بعد وقت قصير من ادعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على الشيخ أحمد الأسير وعلى 27 موقوفاً في حوادث عبرا؟
لكن ما هو أهم من كل ذلك هو داتا الإتصالات... نعم داتا الإتصالات:
هذا المطلب التاريخي للشهيد اللواء وسام الحسن وللواء أشرف ريفي، فلو إن داتا الإتصالات تُعطى بشكل أوتوماتيكي لكان عُرِف بسرعة البرق من أين تمَّ بث الشريط المسجَّل؟
وكيف تمّ تنزيله على أحد مواقع الإنترنت؟
وكيف تمَّ توزيعه على عيِّنة مختارة من الصحافيين ومن وسائل الإعلام؟
مضمون التسجيل يدعو إلى التظاهر، فمَن هي الجهة التي عممته، ومَن هُم المستفيدون من التظاهر؟
الأخطر من كل ذلك انه بصرف النظر عن صحة التسجيل أو عدم صحته، فإن الحالة الشعبية المتعاطفة مع الشيخ الأسير تعاطت معه على أنه صحيح، فابتهجت وعبرت عن هذا الإبتهاج بإطلاق النار في بعض أحياء بيروت وفي بعض أحياء طرابلس.
إذاً، ما لم يتم تحديد مصير الشيخ أحمد الأسير، حياً أو ميتاً أو جريحاً، فإن اللغز سيستمر وستتصاعد حالته أسبوعاً بعد أسبوع، فهل تتحمّل الساحة اللبنانية المزيد من الألغاز؟
المطلوب، بيانٌ رسمي من الأجهزة المختصة تكشف للرأي العام حقيقة مصير الشيخ الأسير، وإلا سنكون أسبوعياً مع محطة تصعيد كلامي يُعرَف كيف تبدأ لكن لا يُعرَف كيف تنتهي.