من الجماعة للدولة.. كيف فشل حكم الإخوان؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل تحتاج مصر العرب، كما يحتاجونها؟ الجواب من البدهيات نعم، غير أن ليلة الخميس الفائت فاصلة، لأننا لأول مرة نجد جيشاً حافظاً للأمن، وغير مشارك في السياسة والسلطة مستفيداً من تجارب هيمنة جيوش تركيا وباكستان والجزائر في تغيير معالم أي نظام حكومي يتعارض مع منافعهم ونفوذهم..

الايدولوجيا الشمولية نجحت في التنظيم وفشلت في إدارة الحكم، ومثلما بنى الحزب الشيوعي السوفيتي واحدة من أكبر الامبراطوريات حكمها لمدة تزيد عن سبعين عاماً انهارت بعدة سنوات لقصورها بأن تواكب العصر العلمي والثقافي والديموقراطي، والإخوان المسلمون ليسوا غير متدينين، لكن ما بنوه بسبعين عاماً قاموا على تدميره بعام لأن ما كانوا تدربوا عليه ورسموا خططهم، خرجت من الحاضر للماضي متجاوزها الزمن والأجيال، لأن جيل الحداثة لا ينفع معه الحقن مع أن تنظيمهم الذي حقق اتساعاً كبيراً عندما ركزوا على أبناء الأرياف لحصار المدن بقوتهم، والوصول للأحياء الفقيرة داخل مراكز المدن وهوامشها من أجل خلق قاعدة كبيرة تلتقي مع أبناء الريف في فتح المدارس والمستوصفات وحلقات المساجد، والحدائق، وجعلها مراكز التلقين والتنظيم، فإن هذه القاعدة والقيادة عندما انتقلتا من الجماعة للدولة، وأصبحت التجربة والاستعداد والإدارة مختلفة تماماً لأن المسؤوليات لم تعد تنحصر بفئة محدودة، وإنما بدولة وشعب ونظام وعصر جديد يصعب فيه تسييس الشباب الحديث النشأة والعالمي في تطلعاته وآفاقه، وكان الخطأ الأكبر أن القيادات كلها تجاوزتها الستون في أعمارها وفكرها ولا تزال تعيش داخل صفحات المتون القديمة، بينما الحاضر يحتاج إلى دورة كاملة من نظم الاقتصاد والإدارة والتربية، ومواجهة التدهور الذي خلفه النظام القديم بخطط تتجاوز زمنه، ولتتلاقى مع أهداف وطموحات الأجيال المصرية التي اشعلت الثورة، ثم صدمت بنتائجها مع الإخوان، فاشعلوها ثورة مضادة أنهت دور دولتهم..

كيف دارت معارك الإعلام بسطوتها الرهيبة، وكيف أسقط «الكاست» امبراطورية الشاه، ومع أن كل أطراف التنازع مع التيار الإسلامي، وخاصة الإخوان كتنظيم أممي طرحوا أنفسهم وأفكارهم للجماهير العريضة في كل العالم الإسلامي، وبما يملكون من مواقع ووسائط وفضائيات وإعلام مقروء، إلاّ أن الحرب فكرية بين جيل كوني، وآخر محلي، وهنا جاء السلاح غير متكافئ فيمن يخاطب الحاضر ومن يمتح من بئر التراث والماضي، إضافة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تركت الخيارات مفتوحة فغلبت المعاصرة والحداثة، الأصالة، وهذا ما لم يدركه إعلام الخطابة مع إعلام القناعة والواقعية في التحليل الموضوعي لمجريات الأحداث..

هل الإسلام حل؟ نعم من خلال نماذج تركيا وماليزيا ومعهما على الطريق اندونيسيا، ولكنه عربياً يغيبه تغيرات النصوص واحتكار الفكر وجعله لا يسير طبيعياً سلساً يقبل الحوار وجدلية التاريخ بدون إملاءات ووقف الاجتهاد درءاً للمفاسد، وهنا استُلب هذا الفكر وتقوقع رغم اتساع العقيدة الإسلامية، لكن من حاولوا دمج الدين بالسياسة وتطويع الأخيرة لها، لم يعلموا أن الأمور في الأحوال العامة تؤخذ بالقياس، وأن السياسة علاقة كونية تدار بمصالح وعلاقات دولية، وهذا ما نحتاج أن ينفتح عليه أفقنا وفضاؤنا..

Email