«اللهم عجّل فَرَجَه».. تتحكم في المصائر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد استفاقة لبنان، الوطن والإنسان، من الحرب المدمرة في العام 2006، والتي استدعاها "حزب الله" بغباء وحماقة بخطف الجنديين الإسرائيليين باعتراف حسن نصر الله بنفسه على تليفزيون "الجديد" اللبناني بقوله "... لو كنت أعلم بأن هذا الخطف سيجر لبنان إلى هذه الحرب الكارثية والدمار الكبير لما أقدمنا عليه"؟!!".

بعد هذه الحرب صدرت كتيبات صغيرة أشبه ب "الكراريس" كان منتجوها - الآلة الإعلامية للحزب - سوقوا فيها للانتصار الوهمي، وكرسوا منطق الخرافة في إلغاء تام وكامل للعقل والفكر والفهم، وسردوا الحكايات البليدة لأحداث مزعومة حصلت أثناء الحرب في محاولة لإضفاء المقدس الديني على مساراتها وبواعثها، وجاء في "الكراريس" أن ثلاثة من مقاتلي "حزب الله" كانوا يستظلون بفيء شجرة إذ أقبل رتل من الدبابات الإسرائيلية وكانت دهشتهم حين انفصل غصن عن الشجرة وتحوّل إلى صاروخ انطلق في اتجاه الرتل ودمره بالكامل، وأن اثنين من المقاتلين اشتد بهما العطش فقصدا منزلاً يطلبان الماء ففتحت لهما سيدة واعتذرت بأن الماء لديها قليل وهم يحتاجون إلى نبع.

ولكننا هنا اثنان.. أجاباها.

فقالت السيدة: لا تسخرا مني فأنا أشاهدكم الآن بالآلاف من الرجال، فعرفا أن المهدي وجنوده يقاتلون معهما.

إنها الخرافة تسكن البعض، وتتلبسه، وتسيطر على عقله فتحوّله كائناً غيبياً ليس له قرار أو خيار في تصرفاته الشخصية الحياتية، ولا تعاملاته مع الشأن العام، فتكون مصائر البشر والشعوب تحت رحمة إيحاءات الخرافة ومنتجها في تقرير المستقبلات، وصناعة التاريخ.

توغلت الخرافة في وجدان البعض، وصارت جزءاً من ثقافتهم التي تحدد أنماط ومضامين توجّهاتهم وأفعالهم وقراراتهم ليس على الصعيد الشخصي ولكن على صعيد الناس والجغرافيا ومناحي حياة الشعوب، كما حال أحمدي نجاد، وحسن نصر الله، ومحازبيهما وأنصارهما حيث ألغي العقل تماماً، وقتلت حرية الفكر والتفكير وتحوّل الناس إلى أسرى منتج ومنطق الخرافة في اقتصادياتهم وصياغة واقعهم.

لا بأس أن نوجز ونلخص ونستعير تحليلاً أوردته صحيفة "النهار" اللبنانية لتتكشف لنا المرارات والخيبات التي نعيشها في هذا الزمن البليد والقميء عن فعل الخرافة في سفك الدماء، واستباحة الناس.

"... تبدو هذه المعارك الدائرة على الأراضي السورية، بعيداً عن تفسيراتها السياسية أو حتى الطائفية، حرباً تحركها العقائد الدينية البحتة.. من هنا، ربما الإجابة الحاسمة عن سؤال: لماذا يقاتل "حزب الله" في سورية؟ جواب موجود لدى عناصر الحزب وقواعده الشعبية.

الحقيقة في مكان آخر.. أنها في ما استعاده "الشيعة" (المؤدلجون منهم) من معتقداتهم، وفي ما يتحدثون به منذ اللحظة الأولى لاندلاع شرارة الأحداث في بلاد الشام. تتكاثر الأقاويل، التي تستند إلى خلفيات دينية. يعتبر هؤلاء أن نظام بشار الأسد سيسقط حكماً. وسيحكم رجل يدعى "السفياني"، أي من سلالة بني سفيان.. يتحدثون عن ذهاب جيشه لاحقاً إلى مكة والعراق. يقولون إن حروباً كثيرة ستنشب بين حاكم سورية العتيد، والذي سيحكم الأردن أيضاً، ومن يعتقد الشيعة بظهوره في آخر الزمان، الإمام المهدي. يتحدث بعض الشيعة عن تفاصيل كثيرة، عن إضعاف دولة إسرائيل، وموت الأسد أثناء حربه معها. يتحدثون عن وصول الجيش الإيراني إلى القدس، وعن ثورة شعبية في طهران تجبره على العودة. يعتقدون بنشوء دولة قوية في اليمن تساند (الإمام المهدي) المنتظر.

يقتنع الشيعة، عفوياً، وخصوصاً جمهور حزب الله، أن قتال الحزب إلى جانب النظام هو قتال استباقي لما يمكن أن يكون جيش "السفياني". وهناك من يعتقد أن ما يحدث في بلاد الشام هو مقدمة لظهور من يدعون له "اللهم عجّل فرجه"!!"

إذن.. الخرافة تقتل الشعوب.

Email